أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ١٥ / ١١ /٢٠٢٣

كتبت النهار:

لا موجب لأي تأكيدات بديهية بأن صفة الجنون الهستيري هي الأكثر انطباقاً من ناحية التدقيق المتجرد في كل مجريات الحرب الإسرائيلية الانتقامية على غزة بعد السابع من تشرين الأول الماضي. ولا موجب في المقابل للجزم بأن غالبية اللبنانيين بلا أي استثناء تخاف من التورط في حرب مدمرة بما لا سابق له مع إسرائيل مجنونة كهذه ولو امتلك “حزب الله” ترسانة من شأنها أن تحدث فيها دماراً وتكاليف غير مسبوقة أيضا.

نسوق هذه “البديهيات” لنصل فوراً الى المهزلة السلطوية السياسية اللبنانية المواكِبة لمعادلة مصيرية تترنح فيها البلاد في أي لحظة عند مشارف اشتعال حرب بهذه المعايير المرعبة فيما يتراءى لنا أن “أهل بيزنطيا” كأنهم سقطوا مجدداً في أبشع استعادات مصادرة الأسطورة التي تتحدث عن الجدل البيزنطي العقيم القاتل في لحظات غزو الأعداء لبلادهم. والحال ان ثمة ما صار عصياً على وصف سلوكيات بعض القوى والافرقاء السياسيين في “اختيارهم” لحظات وفرصاً للابتزاز السياسي والتحليق في عوالم الوهم القاتل بإنجاز مكاسب سياسية ومصلحية رخيصة كمثل الجاري حاليا، في هذه اللحظة السوريالية في خطورتها، في ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون.

تحتشد عند جنوب لبنان منذ أسابيع وتتصاعد منذ أيام معالم الحرب التي تتهدد لبنان بما لن نمعن في تخيّله مسبقاً على طريقة “طرد الاشباح والكوابيس” والتي قد تشعل حرباً إقليمية، فيما يتصاعد في الداخل نغم العقم والاستهانة والابتزاز بفضل سلوكيات سياسية لفريق يحترف الإبحار في الأوقات القاتلة ويجاريه أفرقاء امتهنوا إفراغ الدولة والمؤسسات والدستور والأصول والميثاق من كل مضمون يؤدي الى حماية بقايا الدولة وضربها بمخطط بات معروفاً وثابتاً. صار رافضو التمديد الذي لا بد منه لقائد الجيش من سائر الخيارات المحدودة الممكنة في ظروف كهذه، ومع أوضاع البلاد والجيش وكل المشهد الخطير المتعاظم، يغارون فجأة على التطبيق الحرفي لقانون الدفاع وإسقاط كل ما يجافيه وتناسي كل السوابق في “التمديدات” المناقضة للدستور لرؤساء جمهورية ومسؤولين في مناصب رفيعة، وكل العبث الذي تضجّ به تجارب وعهود وحكومات ومؤسسات الجمهورية السعيدة حتى آخر رمق من العهد الأخير السابق للفراغ الحالي. وهو ما أتحف اللبنانيين، وبالأصح الذين منهم لا يزالون قادرين على استساغة سماع الثرثرات السياسية التي تخترق نشرات الاخبار الضاجّة بأهوال مجازر غزة ومجريات المواجهات المتصاعدة بخطورة فائقة عند الحدود اللبنانية مع إسرائيل، بهذا النوع الساقط من الترف الذي يعجز الناس عن مقاربته بغير التقزز فيما هو واقعاً من اشد علامات الاستعصاء على رهان نهائي ينتشل لبنان من فاجعة طبقة تختزن كل هذا العقم الصاعد والواعد بمزيد من إحباط اللبنانيين.

ليست المسألة مرتبطة بالتحيّز لخيار مبدئي أو خيار واقعي، خصوصا ان تاريخ معظم الطبقة السياسية الراهنة، (مع التشديد على كلمة “معظم”)، حافل إما بالتهاون مع الانتهاكات الدستورية أو متواطئ فيها أو صانعها وفارضها قسراً مع كل أنماط التعطيل المتمادية. بل هي مسألة السؤال الأشد تعقيداً في مشهد لبنان الحالي وهو: إذا كانت ظروف كهذه التي يقف عند مشارفها لبنان تتهدده بأخطر المصائر التي مرت به لن تجدي في تبديل سلوكيات رعناء لدواعي تمرير الأقل خطورة، فكيف لا يرتعب اللبنانيون أكثر من رعب الحرب التي ينزلق اليها لبنان؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى