أبرز الأخبار

عون وضع نفسه امام الامتحان… في انتظار النتيجة!

كتب طوني خوري في النشرة

انطلاقاً من مقولة “امام الامتحان يكرم المرء او يهان”، وضع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ نفسه امام امتحان صعب وهو على ابواب نهاية ولايته الرئاسيّة التي أكد انها ستنتهي في مهلتها، ووضع حداً نهائياً لكلام التمديد والتجديد وغيره. يرى الكثيرون ان عون قرر ان يضع سقفاً عالياً جداً لكلامه، واعتبروا انه لو كان من اجل التبرير فهو لن يستفيد، ولو كان جدياً بالفعل في تحويل مواقفه الى واقع ملموس فهو لن يقدر، ويصرّون على ان رئيس الجمهوريّة لم يتعلّم شيئاً طوال اكثر من خمس سنوات من وجوده في قصر بعبدا.

وبعد قراءة مضمون الكلام الذي اطلقه، سأل العديد من اللبنانيين: اذا افترضنا النوايا الحسنة، كيف يمكن لعون تنفيذ تهديداته بحق حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​، ووضع الامور في نصابها اذا كان يطلب في اللحظة نفسها من الجميع عدم التعدّي على صلاحيّاته؟ هذا الامر يعني ادراكه العميق أنّ هناك من يتعدّى على الصلاحيّات ولم يقم بشيء لانه ليس بوسعه الدفاع عن هذه الصلاحيّات، والا لكان أقدم على ذلك منذ سنوات وأنقذ عهده والبلد من الذين يتّهمهم بالسرقات والمماطلة والهدر…
واذا كان عون يراهن على الدول الخارجيّة لاحالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى المحاكم (قال ان لسلامة مشكلات قضائيّة مع سبع دول اوروبيّة)، فهذا امر غير مضمون، خصوصاً وانْ ليس هناك من قدرة للتحكّم بسلامة أمام القضاء اللبناني، فما الذي سيفعله بعد الكلام الداعم من القوى السّياسية الاخرى ومنها على سبيل المثال لا الحصر رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي؟ هذا بالنسبة الى سلامة، فيما لم يوضح عون ما الذي سيفعله مع باقي المسؤولين الذين يتّهمهم بايصال البلد الى هذا المأزق الكارثي، وهو يعلم تماماً أنّ الميثاقية هي التي تحكم لبنان، وهذا ما دفعه تحديداً الى زيارة دار الافتاء للمرة الاولى منذ وصوله الى الرئاسة، لدعم الطائفة بعد اعلان النائب ​سعد الحريري​ تعليق عمله في الحياة السياسية. اضافة الى ذلك، اعترف عون انه يقاتل وحيداً على الساحة، فكيف سيتمكّن من المواجهة في نظام ليس برئاسي؟.
في الواقع، يبدو عون في موقف لا يُحسد عليه، ورهانه قد يكون خاسراً، فهو أتى منذ خمس سنوات ونيّف على صهوة جواد توافقي شامل وبشعبيّة كبيرة ولم يقدر على اجراء أيّ تغييرات حقيقيّة على الرغم من إعلانه عن خطّة واستراتيجيّة كان وضعها للتنفيذ، لم يتحقّق منها شيئاً على الرغم مما كان يحظى به من دعم محلي ودولي. اما اليوم، فهذا الدعم بات غير موجود، فما هو “سلاحه السرّي” الذي سيقلب الامور رأساً على عقب، بينما يشتكي الرئيس نفسه مراراً تكراراً من تعطيل المؤسسات الدستورية والقضائية؟.
ما قاله رئيس الجمهورية أخيراً اتى بمثابة “فشّة خلق” ومحاولة لاستعادة ما فقده (او أفقدوه إيّاه) طوال السنوات الماضية، ولكنه وضع نفسه في موقف حرج لأنّه اذا لم ينفذ وعوده، ستزداد الحملات عليه وسيكثر الكلام عن ضعفه واستضعافه، وهو امر سيكون له تأثير حتمي على الانتخابات النّيابية المرتقبة، وسيفقد من رصيده المتبقّي الذي استعمله على مدى السنوات الخمس الماضية.
كان لمواقف عون الاخيرة وقع اكبر واقوى لو أتى مع بداية العهد وبالظروف التي كانت سائدة آنذاك، اما اليوم فهي تبدو مجرّد طموحات وصيغة أخرى لعبارة “عمبيعرقلوا، وما خلّوني”، وكان الأجدى لو أجرى عمليّة كشف حساب قبل موعد الانتخابات مباشرة، وقال الامور كما هي حيث لم يعد لديه ما يخسره، ويكون على الاقل قد أدّى قسطه للعلى…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى