أبرز الأخباربأقلامهم

يا دولة الرئيس : لا ترتكب الخطيئة المميتة التي اقترفها سواك في تعطيل المؤسسات وطعن الدستور

(قراءة دستورية في توزيع الصلاحيات الدستورية الآيلة لانتخاب رئيس جديد للبلاد)

بقلم المحامي لوسيان عون

كان خلف وضع المواد الدستورية المقتبسة من الدستور الفرنسي حكمة تقضي بتسيير عجلة السلطة وما أسمى منها تسيير مؤسساتها، وبالأخص ارساء مبدأ حسن تداول السلطة من شخص لشخص ومن مؤسسة دستورية الى أخرى مع حسن مداراة العمل بعيداً عن أي فراغ كان بعكس ما تعمدته بعض الشخصيات السياسية التي تولت زمام الحكم في لبنان بعد نيله الاستقلال عام ١٩٤٣ وحتى يومنا الحاضر.
كان هدف رئيس وغاية فضلى تستشف ما بين المادة الدستورية والأخرى تفادي اي فراغ في اي مركز رسمي، وخاصة على مستوى الرئاسات رغم كل ما اعترى الدستور من شوائب وثغرات تسببت بكم من عمليات التعطيل الممنهج التي تكررت في السنوات الأخيرة وخاصة خلال عهد حكم العماد عون ابرز عدم تضمن الدستور مهل زمنية للتكليف والتأليف.
إحدى المخاطر على هذا الصعيد كان تدارك اي فراغ على مستوى رئاسة الجمهورية التي تشكل مبعث بناء تجديد اعمدة ومرتكزات مؤسسات الجمهورية الثانية ( جمهورية الطائف) فتجلت ارادة المشترع عبر المواد ٧٣ و ٧٤ و ٧٥ من الدستور والتي نصت على آلية انتخاب رئيس للجمهورية سواء بحال فراغ سدة الرئاسة خلال الولاية أم في كيفية انتخاب الرئيس والتي تبدأ مهلة الشروع في دعوة رئيس المجلس النيابي للمجلس للانعقاد لاجل انتخاب الرئيس.
فقد نصت هذه المواد الثلاث على ما يلي :
المادة 73
قبل موعد انتهاء ولایة رئیس الجمهوریة بمدة شهر على الأقل أو شهرین على الأكثر یلتئم المجلس بناء على دعوة من رئیسه لانتخاب
الرئیس الجدید واذا لم یدع المجلس لهذا الغرض فانه یجتمع حكما في الیوم العاشر الذي یسبق اجل انتهاء ولایة الرئیس.
– المادة 74
إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئیس أو استقالته أو سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف یجتمع المجلس فورا بحكم القانون واذا اتفق
حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلا تدعى الهیئات الانتخابیة دون إبطاء ویجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من
الأعمال الانتخابیة.
– المادة 75: إن المجلس الملتئم لانتخاب رئیس الجمهوریة یعتبر هیئة انتخابیة لا هیئة اشتراعیة ویترتب علیه الشروع حالا في انتخاب رئیس الدولة دون
مناقشة أو أي عمل آخر.
انتهى نص المواد الآنفة الذكر
في هذا الشأن ، القى الدستور المسؤولية الكبرى على عاتق رئيس المجلس النيابي الذي يبقى مولجاً بل موجباً عليه دون الزامه بتوقيت محدد ( الا بما حدده الدستور ما بين شهر وشهرين تسبق انتهاء ولاية المجلس) لدعوة مجلس النواب وتخصيصها فقط لانتخاب رئيس للجمهورية لكون المجلس يتحول وفق الدستور حكماً الى هيئة انتخابية دون التشريعية ،وهنا بحال فشل انتخاب رئيس، كان بامكان رئيس المجلس تأجيل الجلسة لموعد آخر وهكذا دواليك حتى انجاز عملية الانتخاب، ومن الممكن ان تكون الجلسات متتالية كما يمكن تأجيلها الى يوم آخر.
اما بحال تلكؤ رئيس المجلس وتمنعه عن الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية بين ما قبل شهرين وشهر من انتهاء الولاية، فقد تنبه المشترع في معرض المادة ٧٥ من الدستور واستدرك ضمن المادة إياها معطياً الهيئة العامة لمجلس النواب خلال مهلة يبدأ سريانها قبل عشرة أيام من انتهاء ولاية رئيس المجلس صلاحية استثنائية معفياً اياها من انتظار دعوة رئيس المجلس اليها لانتخاب الرئيس، وبذلك يحق للنواب التداعي بمعزل عن رئيس المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية.
من خلال ما تقدم، فقد منح الدستور صلاحيات لرئيس المجلس للدعوة لعقد جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية يبدأ سريانها في الاول من ايلول، وبحال الرفض او التمنع او الاعتكاف عن ممارسة مهمته الموكلة اليه، ثمة صلاحية تعطى للسادة النواب للتداعي الحكمي لعقد جلسة في مهلة يبدأ سريانها في ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٢ لانتخاب رئيس للبلاد منعاً لحصول أي فراغ في الرئاسة الأولى ،وبذلك لن يبق من امكان للرئيس الحالي عرقلة عملية الانتخاب في الظروف العادية حيث تبقى كرة تداول السلطة والمحافظة عليها في ملعب رئيس المجلس والا ففي ملعب الهيئة العامة، والا فيكون مجلس الامة جمعاء حينها قد يكون آخر المؤسسات التي تخلت عن دورها في المحافظة على مداميك الدولة بعد انهيار الحكومة وعجز الرئيس في المحافظة على الدستور وانهيار الاقتصاد والقطاع المصرفي والقضاء والعملة الوطنية والثقة بالدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى