أخبار محلية

وقائع “استبعاد” لبنان من اجتماع الرياض

أساس ميديا

وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة مفتتحاً جولته بزيارة إسرائيل على أن يختتمها في مؤتمر في المملكة العربية السعودية، يشارك فيه عدد من الدول الخليجية، بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق. وكان لافتاً جدّاً بالنسبة إلى عدد من المراقبين دعوة العراق إلى المؤتمر وعدم دعوة لبنان.

غير أنّ البعض يرى في عدم دعوة لبنان “أمراً بديهيّاً”، وفق اعتبار حجم الإشكاليّات المحيطة بالداخل اللبناني، ولأنّ المؤتمر في المملكة يؤسّس لتكتّل دولي إقليمي يُفترض أن يتحوّل إلى محور مواجهة في المنطقة.

لكنّ مقارنة العراق بلبنان تظهر أنّ أوجه الشبه بين البلدين كبيرة جدّاً. في البلدين حكومات مستقيلة، وفي البلدين حشد شعبيّ وحزب الله ونفوذ إيراني كبير، وفي البلدين انقسامات طائفية، وفي البلدين محوران متصارعان، أحدهما فريق موالٍ للولايات المتحدة والآخر معادٍ لها.

فما الذي منع دعوة لبنان إلى مؤتمر كهذا؟

في معلومات “أساس” أنّ مسؤولاً لبنانياً سأل السفيرة الأميركية دوروثي شيا: “لماذا لبنان بشخص رئيس حكومته نجيب ميقاتي غير مدعوّ للمشاركة في مؤتمر السعودية، خصوصاً أنّ ميقاتي قريب من الأميركيين، ويمثّل نقطة تقاطع في العلاقة بين القوى الدولية والقوى المحلية؟”.

استمهلته شيا للتحدّث مع إدارتها لمحاولة إقناعها بدعوة لبنان… فكان الجواب سلبياً. فعادت شيا إلى المسؤول اللبناني وأكّدت له أنّ إدارتها لا ترغب في دعوة لبنان إلى القمّة.

لكن لماذا جاء الردّ الأميركي سلبيّاً؟

يقول مراقبون إنّ ذلك بديهي لأنّ بين الولايات المتحدة ولبنان حتى الساعة “unfinished business”، أي عملاً غير منتهٍ. وإن أصبح الاتفاق على الحدود البحرية بين لبنان والإسرائيليين شبه منجز، إلا أنّ اكتماله يحتاج إلى الـ”finishing”، أي الانتهاء التامّ. وهو ما يتطلّب رفع السقوف عالياً جدّاً، أكان من الجانب الإسرائيلي أو الأميركي أو من جانب حزب الله، قبل إتمام آخر بنود الاتفاق.

من هنا يدرك الجميع أن لا رغبة لأحد في الحرب ولا إرادة للقيام بذلك، وما السقف العالي سوى تصعيد يسبق أيّ تسوية. ولذلك يصبح غياب لبنان عن القمّة “طبيعياً”. هناك مقولة إنّه في الشرق الأوسط حين لا تكون مدعوّاً إلى مائدة طعام، فستكون أنت شخصياً على لائحة الطعام. ولبنان هو أحد الصحون على تلك الطاولة، التي ترى إيران وحلفاؤها، خصوصاً حزب الله، أنّها تشكّل أبرز التحدّيات التي تواجهها، وذلك يعود إلى الكلام عن اجتماعات بدأت تقرّب بين سعوديين وإسرائيليين لمناقشة خطة الدفاع الجوّي وتأسيس “ناتو عربي” تديره أميركا، وتكون في الغرفة نفسها السعودية وإسرائيل. فضلاً عن فتح المملكة مجالها الجوّي أمام إسرائيل أمس الجمعة.

ليس هذا الأمر تفصيلاً في مستقبل المنطقة ولا في مستقبل الصراع أو التسوية فيها، وليس تفصيلاً في قراءة ما خلف سطور خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأخير، وتلويحه بالحرب في حال فشل مفاوضات ترسيم الحدود.

في الواقع، لا شيء سيوقف بناء “القاعدة الأميركية” المتمثّلة في توسيع السفارة في عوكر. ولا شيء سيوقف موعد افتتاحها في 4 تموز 2023. وللمفارقة، فإنّ أكبر قاعدتين أميركيّتين في المنطقة هما في بغداد وبيروت، لا في الرياض وأبوظبي. وبالتالي فإنّ غياب لبنان اليوم مصدره قرار قد ينتهي مفعوله بعد اكتمال التسوية في المنطقة، خصوصاً في ملفَّيْ السياسة والاقتصاد معاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى