أخبار محلية

وفد مُفاوض من دون رئيس؟

 

لينا فخر الدين – الاخبار

رغم إحالته على التقاعد، لم يتلقّ رئيس الوفد التقني المُفاوض في ملفّ ترسيم الحدود البحريّة مع فلسطين المحتلة العميد بسام ياسين أيّ رسالة تُشير إلى أنه بات رئيساً سابقاً للوفد، فيما يؤكد قانونيون أن الأمر لا يحتاج إلى رسالة باعتبار أن مهمته في الوفد مستمدّة من كونه ضابطاً في المؤسسة العسكرية، واليوم بعد تقاعده لم يعد له صفة قانونية
نأت قيادة الجيش بنفسها عن ملف ترسيم الحدود البحريّة مع فلسطين المحتلة لـ«استشعار بعض المسؤولين فيها أن تسويات ستُحاك من خلف ظهرها، إضافة إلى عدم رضاها عن التراجع عن الخط 29 لمصلحة الخط 23»، على ما تقول مصادر لـ«الأخبار». لذلك، وُضع الوفد المفاوض بملف الترسيم «على الرف»، فضلاً عن إحالة رئيسه العميد بسام ياسين على التقاعد في تشرين الأوّل الماضي.

لم يُجدّد لياسين ولا صدر عن رئاسة الجمهوريّة بيان بإقالته من منصبه أسوةً بالبيان الذي كُلّف فيه برئاسة الوفد. فيما لا يزال ياسين يوزّع تصريحاته على وسائل الإعلام باعتباره رئيساً للوفد، فضلاً عن لقائه الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين بعد أيّامٍ من إحالته على التقاعد. فيما يتردّد داخل قيادة الجيش أن «القائد» كان يقصد ياسين عندما منع الضباط المتقاعدين من التصريح الإعلامي من دون إذنٍ من المؤسسة العسكريّة، بسبب الانزعاج من تصريحات ياسين واعتبارها لا تُمثّل المؤسسة لكوْن الرجل أضحى بحكم الرئيس السابق للوفد بعد إحالته على التقاعد.

أكثر من مرجع قانوني يؤكد أيضاً أن ياسين مكلّف برئاسة الوفد بصفته الوظيفيّة، وبمجرّد فقدانه هذه الصفة بإحالته على التقاعد، يفقد معها صفته رئيساً للوفد، وأن الأمر لا يحتاج إلى صدور بيانٍ عن رئاسة الجمهوريّة أو قيادة الجيش. فيما تذهب رئاسة الحكومة أبعد من ذلك، إذ ترى أن قرار تشكيل الوفد «غير دستوري»، وأن ياسين «لا صفة قانونيّة له، لأن رئاسة الجمهورية لم تنسّق مع رئاسة الحكومة في تأليف الوفد»، التزاماً بالمادة 52 من الدستور التي تنصّ على أنه «یتولّى رئیس الجمهوریة المفاوضة في عقد المعاهدات الدولیة وإبرامها بالاتفاق مع رئیس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء». لذلك، فإن «التفاوض والتكليف بالتفاوض يكون باتفاق مشترك بين رئيسَي الجمهورية ومجلس الوزراء، وأيّ منحى مغاير يُشكّل مخالفة واضحة وصريحة لنص دستوري مع ما يترتّب على ذلك من نتائج». وتصرّ رئاسة الحكومة على أنه بغضّ النظر عن تعيين ياسين وفقاً للأصول أو خلافاً لها، فإنه «بات اليوم من دون صفة رسمية».

يوافق ياسين على ذلك، ويلفت إلى أن ظهوره الإعلامي هو بصفته رئيساً سابقاً للوفد، ولا يمكنه أن يكون مفاوضاً إلا إذا استُدعي من الاحتياط وجُدّد له في مهمّته رسمياً. لكنّه يؤكّد لـ«الأخبار» أنّه لم يتلقّ أيّ رسالة تفيد بأنه أضحى رئيساً سابقاً للوفد. وبالتالي، فإن السيناريوات هي: إما التجديد له أو تعيين البديل لخلافته. ويضيف: «لا أقبل أصلاً أن أشارك في تتويج المفاوضات في الناقورة بعد الوصول إلى اتفاق غير مقتنع به ولم تطرحه المؤسسة العسكرية. أنا كُلّفت لأنجح في مهمتي وليس لأفشل».
يشدّد ياسين على أنّ ظهوره الإعلامي الأول كان بالتنسيق مع قائد الجيش، نافياً أن يكون الأخير عاتباً عليه من جراء المواقف التي يعلن عنها. ويقول: «مواقفي هي أشبه بانتفاضة وطنية في وجه التراجع عن الخط 29»، معتبراً أن «هناك ضياعاً على مستوى الدولة بشأن المفاوضات، والتدخل السياسي غرضه إجراء الصفقات ليس إلا»، مشيراً إلى أن عدم التمديد له بمهمته جاء استجابةً لضغوط.

وعليه، لا أحد من المعنيين يملك تصوّراً عمّا قد يحدث في حال موافقة هوكشتين على استئناف وساطته والعودة إلى بيروت، ومن سيتفاوض معه، وهل سيعوَّم الوفد التقني. لا إجابة باستثناء استناد رئاسة الجمهورية الى المادة 52 من الدستور التي تؤكّد من دون لبس أن رئيس الجمهورية هو الذي يعقد المعاهدات الدولية بالاتفاق مع رئيس الحكومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى