أبرز الأخبار

هل يفاوض اللواء ابراهيم على مؤتمر تأسيسي؟

أفرزت صناديق الاقتراع في الدوائر الانتخابية، مجموعات نيابية “هشة” غير قادرة على تشكيل كتلة وازنة تحسم الخيارات المصيرية في البلاد. وعكست المداولات فيما بينها تعددا للأولويات وتباينا واضحا بين أطرافها “معارضة، مستقلين وقوى تغيير”. هذه القوى وان اجتمعت في العناوين إختلفت على كيفية تطبيق أجندتها المتنوعة بين من يريد وضع سلاح حزب الله على الطاولة كبند أساسي وعنصر خطير يؤثر على الدولة ومؤسساتها، وبين قوى تريد تطهير الادارات من الفساد عبر مشاريع اصلاحية بالتعاون مع المجتمع الدولي.
إنشغلت الكتل بتوزيع أولوياتها فسبقها الدولار وبدأ تحركه صعودا ماسكا بيده قطاعات اقتصادية ومالية متجها بها نحو الهاوية، وسط مخاوف دولية من تفاقم الوضع وتفجيره بالداخل في حال لم تتحرك القوى سريعا وتتفق على كيفية إدارة البلاد.
أيقنت الدول الغربية وتحديدا فرنسا، أن الظروف الداخلية في لبنان وتقاطعها مع المصالح الاقليمية تسمح بصياغة دستور جديد يتماشى مع التطورات على الخط السعودي الايراني. فُتحت قنوات التواصل الفرنسية الاميركية من جهة والفرنسية الايرانية من جهة أُخرى، في حين حرص الرئيس ايمانويل ماكرون على وضع السعوديين بكل ما هو مطروح حيال الازمة اللبنانية التي تأتي على هامش المفاوضات المتصلة بالملفات الدولية الدسمة. في الداخل ثمة اجماع من الاطراف كافة على شخصية المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للانطلاق بمفاوضات سياسية هذه المرة عنوانها ايجاد صيغة توافقية لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي الايراني الاميركي اضافة الى التوافق الايراني السعودي الذي قد يؤسس لهدنة طويلة بعض الشيء بين السنة والشيعة.

العائق الابرز لهذا التوافق على الساحة اللبنانية يكمن بسلاح حزب الله الثقيل، وهو مسألة معقدة لا يمكن أن تُطرح على طاولة مستديرة في المقرات الرسمية أو في الشارع، بل مرتبط بتوازن القوى الاقليمية التي من شأنها أن تؤمن الغطاء الشرعي لسحبه عبر آلية تُراعي مصلحة الحزب والضمانات التي يريدها. من حيث المبدأ تتفق القوى الكبرى على ضمانات الحزب وتُرحب بها، بشرط وضع جدول زمني ليس ببعيد لسحب السلاح ودمج مؤسسات الحزب في الدولة وتحوله بشكل كامل الى جناح سياسي لا قواعد عسكرية له في الجنوب وينسحب لوجستيا عبر خبرائه أو عسكريا عبر عناصره من أراضي اليمن العراق وسورية.
الحزب بدوره لا يمانع ببحث هذا البند، وخير من عبر عن ذلك أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي دعا خصومه في السياسة الى اعطاء الاولوية اليوم للأزمات المالية والاقتصادية، والى الجلوس معا للتوافق على سحب الغاز من الآبار النفطية اللبنانية والتي تنتظر الدولة أن تبتّ بها مع الوسيط الاميركي ومن بعدها قد يأتي البحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية.
تطور الاحداث بشكل دراماتيكي يقودنا الى تبني وجهة النظر التي تشير الى تحرك غربي لانتشال لبنان من أزمته، وحبل النجاة مرتبط بغرق السفينة التي ترتطم اليوم بأمواج المطالب الشعبية، في وقت تبرز زيارة اللواء ابراهيم الى الولايات المتحدة وما يُحكى عن ترتيب الرجل لصفقة بين الولايات المتحدة وسورية مرتبطة بإطلاق سراح الجندي السابق في البحرية الاميركية أوستن تايس، والذي اعتُقل من قبل النظام السوري في أثناء تغطيته للحرب. ولكن كواليس الزيارة تخبّئ بعض المفاجآت المتصلة بالمحادثات التي أجراها الرجل مع المسؤولين الاميركيين وتتعلق بصياغة عقد اجتماعي جديد في لبنان بإشراف غربي ورعاية عربية واقليمية والحديث عن العقد لا يزال في بداياته، ولكن سرعة التطورات الداخلية قد تُسهم بترتيب الظروف لإخراجه من حقل أفكار القوى الى بيدر مصالح الدول الخارجية.

أوساط دبلوماسية غربية تؤكد رواية العقد الاجتماعي، وتشير الى أن المسألة اليوم مرتبطة بمفاوضات شاقة مع حزب الله لدمجه في الدولة اللبنانية عبر اعطائه ضمانات من خلال مشاركته في قرارات السلطات الثلاث في البلاد: الامن المال والقضاء. وفي السياق يُراهن الحزب على تقاسم صلاحيات قائد الجيش مع الموارنة كما حاكمية مصرف لبنان، وذهاب منصب رئيس مجلس القضاء الاعلى لتكون من حصة الشيعة. هذا بالاضافة الى استحداث مناصب ضمن الفئة الاولى والثانية لاسيما داخل السلطات الثلاث التي ذُكرت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى