بأقلامهم

ميشال جبور / يختلفون في السياسة،ويتفقون على الشعب

موازنة لاحت في الأفق،موازنة عار جديدة،فبعد موازنة ضُرب بها الجيش،ها هي السلطة المتهالكة والمتآكلة تريد تعويم نفسها واسترضاء صندوق النقد كي تستجلب الأموال مرة جديدة على حساب الشعب لمن أخضع قرار الحكومة بالأصل وقيّدها لأجل أطماعه في السياسة واتخاذه تحقيقات المرفأ رهينة وغيرها من الأهواء التي لا تنفك تتبدل.
فجأة ظهرت الموازنة من العدم وتحلحلت كل المشاكل والدولار الوقح أصبح خجولاً لا يتجرأ على تخطي عتبة ال٢٣ ألف ليرة،ظهرت ببنودها التي يكمن الشيطان بين ثنايا صفحاتها ال١٢٨٠،وكرمى لمن،كرمى لعيون الثنائي المعرقل لكل البلد،الثنائي الشيعي،ليقايض وينظم التركيبات ويخرج لنا في الإعلام بطلاً.
فبدل وقف الفساد والهدر ووضع مسار إصلاحي وخطة تعافٍ من الكبوة التي أنزولنا فيها،يتحضر جهابذة الضرائب لإثقال كاهل المواطن بمزيد من الضرائب ومزيد من الإستفحال، بالسرقة بموازنة مركبة وهدامة هدفها الأول والأخير لعب الأوراق الأخيرة في سرقة الشعب وما تبقى من مقومات استمرار له بعد أن سرقت المصارف جنى عمره،بالمختصر،موازنة موجهة في الصميم لإركاع شرائح كبيرة من النسيج اللبناني وعلى رأسها المسيحيين الذين يدفعون الثمن في كل مرة،فعلى مدار موازنات ما بعد الطائف لم يكترث هذا الثنائي لأية موازنة لا بطريقتها ولا بمضمونها لأنه يملك السبل للإلتفاف عليها،فمن يدفع ضريبة الكهرباء والماء ويتحمل وزر الجمرك على البضائع وغلاء الأسعار سوى شريحة من اللبنانيين رأس حربتها المسيحيين الذين لا زالوا ينتظرون بناء الدولة في مقابل المزارع العديدة في دوائر الدولة والمرافق العامة وغيرها التي بناها الديو المشهور في السياسة.
وهنا نسأل،على أية حال ستكون هذه الأرقام الجديدة في ظل سعر صرف متخبط وفي ظل اقتصاد مدولر،فهل سيساعد صندوق النقد منظومة سرقت شعبها ولعبت القمار مع صرّافيها وأزلامها ويتناسى مطالبه بالإصلاحات ووقف الفساد والهدر والسرقات وسيقبل بأن يسخر منه من يريد أن يستمر بالتهرب الضريبي والجمركي ومعابر التهريب؟هل يعلم صندوق النقد كم من وزير ونائب ومسؤول سيبصم على هذه الموازنة دون قراءة بنودها فجهاز التحكم الشيعي سيضغط على كل الأزرار دفعة واحدة والهدف، تعويم نفسه من جديد ليظهر وكأنه يقدم خدمة للشعب اللبناني فيما هو بالحقيقة يتجهز للإنقضاض على ما تبقى من دولة.
نحن أمام خطة ممنهجة لضرب ما تبقى من الوجود المسيحي بالدرجة ومعه شرائح مجتمعية كادحة من كل الطوائف والأطياف لا تدور في فلك الثنائي الشيعي.
نحن أمام تدمير العيش المشترك الذي يتحفنا به الثنائي الشيعي عند كل مفترق وأمام إنحلال صمام الأمان في ما يسمونه السلم الأهلي الذي أصبح شرشفاً يلوحون به كل ما ضاقت بهم الأمور،فحتى جمهورهم أصبح في ضيقة هائلة وسلاحهم بات عبئاً على الدولة وعلى السلم الأهلي والعيش المشترك.
لنسأل أنفسنا لوهلة أين الهدر في الكهرباء والضرائب الجمركية ومن يحمي معابر التهريب ومن يحتزن الدولارات ومن يضارب في سوق الصرف ومن لم يمتثل يوماً لأي نوع من الجباية ويضع في كل مرة خطاً أحمر اذا حُشر بالقضاء أو في أية زاوية لا تتناسب مع مشروعه.
لنسأل أنفسنا اليوم كم من مسؤول مسيحي أكان وزيراً أو نائباً أو رئيساً مستعد ليوافق على موازنة تخون الشعب وتسرقه وتهدد بتهجير مجتمعه المسيحي تحت عناوين جوفاء مثل السلم الأهلي والعيش المشترك،نسأل اليوم حلفاء الثنائي الشيعي وأبرزهم التيار الوطني الحر إن كان لديهم الجسارة لمواجهة قضم ما تبقى من الدولة وتكريس مزارع اللادولة واللانظام أم أن كرسياً من هنا وهناك يستحق أن يتاجروا بشعبهم الذي يختنق أكثر فأكثر.
نحن أمام واقع يداهمنا،الهجرة المسيحية ترتفع بمنسوبها يوماً بعد يوم وبإعتراف حلفاء الثنائي بأنهم فشلوا في بناء الدولة معهم.
إنها خيانة عظمى تضاف إلى خيانات عديدة ارتكبها بعض من يدعي حرصه على حقوق المسيحيين تحت مسميات متلونة ولكن مصيرها واحد وهي هدم كل ما بناه اللبنانيون وعلى رأسهم المسيحيون من تعليم أكاديمي وجامعي واستشفاء ومؤسسات دولة أرادوها أن تعمل بانتظام كي يأتي من يخربها بأطماعه التوسعية وأطماع مشغليه في لبنان وكم سيتحمل لبنان بعد.
كلامنا اليوم موجه بالدرجة الأولى لكل معني مسيحي وشيعي وسني ودرزي شريف يتوق لبناء دولة حقيقية يساندها المجتمع الدولي وصندوق النقد وكل من يستطيع انتشال لبنان من مستنقع الفوضى،واعلموا جيداً أيها اللبنانيون أن الثنائي ومن لف لفهم ربما يختلفون في السياسة ولكنهم دائماً يتفقون على الشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى