أخبار محلية

من يشفط دولارات PCR المطار؟

كتبت سمر فضول في “الجمهورية”:

لا يفوّت المسؤولون في لبنان فرصة لكسب الأموال بكل الطرق غير المشروعة، حتّى ولو من رصيد صحة الناس. هي مغارة الصحة ومنظومة مئات الحرامية، حيث يواصل «النهب» الممنهج لمدخّرات المواطنين عروضه، حاصداً ملايين الدولارات، وجديده هذه المرة فرض جزية قيمتها 30 دولاراً أميركياً كبدل فحص الـ PCR على المسافرين، حتى لأولئك الحاصلين على الجرعات الثلاث، وللوافدين الحاصلين على فحص سلبيّ.. لينكشف تباعاً اختفاء هذه الأموال التي وصلت الى ملايين الدولارات، بين دهاليز مديرية الطيران المدني والجامعة اللبنانية ووزارة الصحة العامة!

منذ أن وصلت جائحة «كورونا» الى لبنان، والإجراءات التي تتخذها وزارة الصحّة محور اهتمام اللّبنانيين واستغرابهم، خصوصاً أنّها لم تكن يوماً كافية للحدّ من تفشي هذه الجائحة.

ورغم ذلك، أمعن الوزير السابق حمد حسن بالتباهي في حرصه وتشدّده بإتّخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، والنهج نفسه يعتمده الوزير الحالي فراس الأبيض، والذي لم يكلّف حتى اليوم إجراء أيّ تعديل جوهري عن مقرّرات سلفه.

من 50 الى 30$… ولكن!

آخر هذه المخالفات والقرارات- البدع العشوائية الهمايونية، كانت في إعلان وزارة الصحة، أنّه «ابتداء من العاشر من كانون الثاني، سيتمّ تخفيض كلفة اختبار PCR الإلزامي لجميع الوافدين فور وصولهم إلى مطار رفيق الحريري الدولي، بحيث تصبح 30 دولاراً بدلاً من 50».

وهنا المخالفة الأولى، وكأنّ الوزارة باتت هي من تشرعن «دولرة» الفحوصات الطبيّة وتسعيرها بالدولار جهاراً!

ويطلب البيان «ضرورة تسجيل الوافدين على المنصّة الإلكترونية التابعة لوزارة الصحة العامة والخاصة بالوافدين https://PASS.MOPH.GOV.LB، ودفع كلفة اختبار PCR على المنصة المذكورة وفق آلية جديدة تعتمد واحداً من خيارين: بطاقة إئتمان أو وثيقة إلكترونية EMD يحصل عليها الركاب عبر الدفع في أحد مكاتب السياحة والسفر المعتمدة، أو في مكاتب المبيعات التابعة لشركة الطيران، على أن يقوم الركاب بتسليم وصل الـ EMD لمندوبي وزارة الصحة العامة لدى وصولهم إلى المطار». وهنا السؤال، لِمَ إحداث منصة للـ PCR، ومن يحمي الداتا؟ ولِمَ لا يمكن الدفع نقداً في مطار بيروت أو إضافة المبلغ مباشرة على تذكرة السفر، ولمن تذهب هذه الدولارات الطازجة؟

سرقة على مراحل

الإجراءات العشوائيّة، التي ذلّت اللبنانيين وضيّعت على كثيرين منهم أموالهم وأسفارهم، استدعت تدخّلاً سريعاً من القضاء، خصوصاً بعد الحديث عن «شفط» ما يقدّر بنحو 40 مليون دولار على أقلّ تقدير. إذ، وفي عمليّة حسابيّة بسيطة، وإذا احتسبنا أنّ كلّ طائرة تحمل على متنها معدّل 200 راكب بكلفة 50 دولاراً للـ PCR، فإنّنا نتحدث اليوم عن «فُقدان» مبلغ 10 آلاف دولار من كل طائرة دخلت يومياً الى الأجواء اللّبنانيّة، ما يدفعنا الى توجيه سؤال عن عدد الطائرات التي تدخل لبنان يومياً؟ وتلك التي دخلت منذ بداية الجائحة وحتّى العاشر من الشهر الماضي؟!

أضف اليهم 30 دولاراً عن كلّ وافد دخل لبنان منذ نحو الشهر وحتّى اليوم، فإلى جيوب مَن دخلت كلّ هذه الأموال؟

ماذا تقول التحقيقات؟

المدّعي العام لديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس، الذي باشر التحقيق في قضية الأموال المفقودة المرصودة لفحوص الـ PCR في مطار بيروت الدولي، أكّد لـ «الجمهوريّة»، أنّه «استمع خلال التحقيقات التي يجريها حول هذا الملف الى وزير الصحة الحالي فراس الأبيض والسابق حمد حسن كما الى المدير العام لوزارة الصحة بالوكالة فادي سنان والى المدير العام للطيران المدني فادي الحسن ورئيس الجامعة اللبنانية، ومدراء عاميّن عدد من الشركات العاملة في المطار».

وعلى ضوء هذه التحقيقات، يشير خميس الى أنّه «حوّل الملف الى شقين، الأول يتعلق بالمرحلة الممتدّة من 1-7-2021 وانتهت في 10-1 2022، وفي هذه المرحلة وقع الخلاف بين شركات الخدمات والجامعة اللبنانية، على خلفية طلب الجامعة الدفع بالدولار الطازج «45 دولاراً للجامعة و5 دولارات لصندوق كورونا في وزارة الصحة العامة»، فيما شركات الخدمات أصرّت على الدفع بالدولار المصرفي «اللولار».

أما الشق الثاني من التحقيقات، فيتعلق بالمرحلة ما بعد 10-1-2022، حيث باتت كلفة الـ 30 دولارًا لـPCR تجبيها المنصة»، فيما لم يتمّ الاتفاق بعد بحسب معلومات على توزيع النسب المالية بين المنصة والجامعة اللبنانية ووزارة الصحة، وأي عقد لم يُوقّع بعد في هذا الإطار.

ويكشف القاضي خميس، أنّه سيصدر اليوم قراراً يتعلق بالمرحلة الأولى، يحدّد مكامن الخلل وطريقة معالجته، على أن يستتبع تحقيقات المرحلة الثانية»، لافتاً الى أنّ «ما دفعه الى الإسراع في اتخاذ هذا القرار هو أهمية الحفاظ على المال العام».

لمن تعود المنصة؟

ومن «تحت الدلفة لتحت المزراب» تستمر الدولة في سياساتها الترقيعية، وعوض البحث عن حلول جذرية للمشكلة ووضع يدها على الأموال العامة لمنع المحتكرين والمتاجرين بها، ها هم القيّمون عليها يقدّمون فحوصات الكورونا على أرض المطار كهدية لشركة خاصة عبر منصّة مولجة إجراء هذا العمل، تعود وفق معلومات «الجمهورية» لجمعية «عُمال» وهي منظمة غير حكومية يرأسها زياد عاقلي، كانت مسؤولة عن إدارة الـhotline او callcenter في وزارة الصحة في عهد الوزير حمد حسن، وها هي اليوم توسّع نشاطها لتصل به الى مطار بيروت الدولي، حيث تسلّمت «عُمال» منذ العاشر من المنصرم بالتعاون مع وزارة الصحّة مسؤوليّة إدارة شؤون الـ PCR للوافدين.

الإعتراضات التي سُجّلت على خلفية التسعيرة وبطء المنصة والمشاكل التي يواجهها المسافرون للحصول على نتائج الـ pcr أثارت امتعاضاً واسعاً، ما دفع بالقاضي خميس الى استدعاء عاقلي للاستماع اليه في هذه القضية.

إلغاء pcr المطار

وعلى وقع «التخبّط» الذي يسود عمل وزارة الصحّة، ومن ضمنها فحوص الـ PCR، تشير المعلومات الى أنّ وزارة الصحّة تتجّه الى إلغاء فحص الـ pcr في الاول من آذار المقبل، خصوصاً مع اعتماد عدد من الدول هذا الإجراء، والاستعاضة عنه بفحص الـ Antigene ، أو بإعفاء الملقّحين، في حين يسأل اللبناني عن تأخّر الوزير بإصدار قرار إلغاء الفحوص والتمديد للمنصة اسبوعين إضافيين من دون أي أسباب مقنعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Advertisements