أخبار محلية

ماذا تضمّن العرض الخطّي لورقة المفاوضات الترسيمية من بنود؟

دوللي بشعلاني – الديار

خطا لبنان خطوة إيجابية ومشجّعة نحو توقيع إتفاقية ترسيم الحدود الجنوبية البحرية بينه وبين العدو الإسرائيلي من خلال تسلّم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيسي مجلس النوّاب نبيه برّي وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس السبت، كلّ بمفرده نسخة عن العرض الخطّي من الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة للترسيم البحري آموس هوكشتاين، نقلته لهم السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا. وقد بدّت مسرورة وهي تجول على المسؤولين اللبنانيين، معلنة خلال مغادرتها من عين التينة أنّ “الأجواء إيجابية جدّاً”. وكان لبنان قد طالب في وقت سابق، بأن يكون العرض خطيّاً ليتمكّن من دراسته ومناقشته مع المعنيين والخبراء والقانونيين. وفور تسلّم العرض، اتصل عون ببرّي وميقاتي وتشاور معهما في المقترح الأميركي، وفِي كيفية المتابعة لإعطاء هوكشتاين الردّ اللبناني الرسمي في أسرع وقت ممكن.

وتقول أوساط ديبلوماسية مطلعة على ملف الترسيم، بأنّ المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى لبنان في 9 أيلول المنصرم، كما في نيويورك، كانوا طلبوا منه جواباً خطياً على مقترحاتهم بعد التفاوض مع الإسرائيليين، وقد جاء الردّ المنتظر الذي يُمهّد الى توقيع الإتفاقية المرتقبة.

وذكرت أنّ العرض الأميركي قد أحيلت نسخة منه من قصر بعبدا الى قيادة الجيش لدراسته من الناحية التقنية والقانونية، لا سيما وأنّ الموقف الرسمي لا بدّ وأن يترافق مع موافقة المؤسسة العسكرية على بنود العرض بعد دراسته وفقاً للإحداثيات والخرائط البحرية. وكان لبنان رفض ما اقترحه الأميركي والاسرائيلي عن حصول هذا الأخير على الإحداثية الأمنية في رأس الناقورة عند نقطة B1 إذ من شأنها أن تضع موقعاً إسرائيليا داخل الاراضي اللبنانية، وتتيح للإسرائيلي بالتالي في مرحلة مقبلة، وفقاً لقانون البحار، أن يستولي على مساحات بحرّيّة معينة لم يتمّ التوافق حولها. كما لأَنَّه بإمكان العدو الإسرائيلي أن يعتمدها كنقطة إنطلاق لترسيم الحدود البرية مع لبنان، في حال حصلت مفاوضات حول الترسيم البرّي في وقت لاحق، تمتد حتى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من قرية الغجر التي لا تزال محتلّة من قبل القوّات الإسرئيلية منذ العام 2000، رغم تحقيق الانسحاب من جنوب لبنان.

وكشفت الأوساط نفسها أنّ العرض الخطّي الذي تسلّمه لبنان من هوكشتاين عبر السفيرة شيا تضمّن بنوداً عدّة هي:

١ً- حصول لبنان على الخط 23 كاملاً من دون المسّ ببلوكاته الحدودية 8 و9و10، وعلى حقل لبنان “قانا” كاملاً.

٢ً- أنّ لبنان ليس معنياً بالتعويض للجانب الإسرائيلي عن الجزء الجنوبي من حقل “قانا” الذي يخرج عن الخط 23 بمساحة 80 كلم2.

(وهذا يعني بأنّ الشركة المنقبة أي “توتال” ستقوم بهذه المهمة).

٣ً- الإعتراف بحقّ لبنان بالتنقيب والإستخراج في حقوله النفطية المكتشفة في بلوكاته البحرية.

٤ً- السماح لشركة “توتال” الفرنسية بمعاودة التنقيب والاستخراج في الحقول اللبنانية النفطية.

٥ً- عدم ربط أي نقطة بريّة بالحدود البحرية وتحديداً النقطة B1 في رأس الناقورة.

٦ً- الإعتراف بحقّ لبنان بالحصول على الطاقة والغاز والفيول للكهرباء من أي دولة كانت، بما فيها إيران. (وهي نقطة إيجابية جدّاً تجاه لبنان الذي حوصر طويلاً ومُنع من قبول أي هبات أو مساعدات من إيران في وقت سابق. ومن المستغرب أن يتضمّنها نصّ الإتفاقية قبل التوافق الأميركي- الإيراني على الإتفاق النووي).

ولوحظ أنّها المرة الأولى التي يتمّ فيها الإعلان عن خطوة هوكشتاين بتسليمه العرض الخطّي، ما أوحى بقرب توقيع الاتفاقية لا سيما اذا ما وافق كلّ من الجانبين على بنودها. علماً بأنّ المعلومات تحدّثت عن أن هوكشتاين لم يرسل العرض الى لبنان إلّا بعد اللقاء الأخير الذي جمع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مع نظيره الإسرائيلي إيال هولاتا، الخميس الفائت، في البيت الأبيض، وبحثا خلاله أهمية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان في أسرع وقت ممكن. وهذا يعني، على ما أكّدت الأوساط عينها إطلاع العدو الإسرائيلي على مضمون الإتفاقية والموافقة عليه قبل إرساله الى لبنان.

وإذ شرع لبنان بدراسة العرض فوراً، على أن يُرسل الردّ عليه سريعاً الى الوسيط الأميركي بعد مناقشة تفاصيله، أوضحت أّنه في حال موافقة الجانبين على العرض المقترح، فإنّ المفاوضات ستنتقل عندها الى المرحلة الاخيرة منها وتتعلّق بتثبيت ما جرى التوافق عليه بينهما فنياً وتقنياً وقانونياً بوساطة أميركية وبرعاية أمميّة على طاولة الناقورة.

أمّا هذا التفاهم الجديد فلن يتمّ التوقيع عليه من قبل لبنان والعدو الاسرائيلي على ورقة واحدة، لكي لا يُعتبر تطبيعاً مع العدو، إنَّما على ورقتين منفصلتين تُرسلان الى الأمم المتحدة تتضمّنان ما جرى الاتفاق عليه فيما يتعلّق برسم الإحداثيات الجديدة للمنطقة الجنوبية البحرية. الأمر الذي من شأنه إلغاء أو تجميد المرسوم الإسرائيلي المودع لدى الأمم المتحدة عن الإحداثيات الحدودية المحدّدة بالخط 1. فيما المرسوم 6433 المودع لديها من قبل لبنان قد يبقى ساري المفعول كونه ينصّ على الخط 23 أساساً. ورأت بأنّ الاتفاقية لا بدّ وأن تتطرّق الى مصير هذين المرسومين، لئلا يعود الإسرائيلي الى مضمون مرسومه واعتماد الخط 1 الذي كان يتمسّك به، وإلّا لما رفض “خط هوف” سابقاً، متى أراد نسف الاتفاقية.

وتتوقّع الأوساط أن يتمّ السماح لسفينة ‘إنرجين” ببدء العمل في حقل “كاريش” بعد أن أرجأته من أيلول الى منتصف تشرين الأول الجاري ومن ثم الى أواخره. كما سيُرفع الضغط عن “توتال” التي ستعود لاستئناف عملها فوراً في البلوكين 4 و9. فهل ستتحقّق كلّ هذه الأمور قبل انتهاء عهد الرئيس عون في 31 تشرين الجاري، أم ستمتد الى ما بعده؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى