أخبار محلية

لماذا كتب التشكيلة بخط اليد؟

 

دوللي بشعلاني – الديار
وكأنّ الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي لم يكترث لمواقف كلّ الكتل النيابية التي لم تسمّه لتشكيل الحكومة الجديدة، مفضّلةً عليه إمّا السفير نوّاف سلام، أو “لا تسمية”، باستثناء موقف “تكتّل لبنان القوي” الذي لم يُسمّه، ولكنّه عرض خلال المشاورات النيابية غير المُلزمة “دفتر شروط” للمشاركة في حكومته الجديدة… ما جعل الصيغة الحكومية “المنجزة” منذ اليوم الأول للتكليف، والتي قدّمها لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد يوم من الإستشارات النيابية غير المُلزمة بخطّ يده، تأتي بمثابة ردّ على رئيس التكتّل النائب جبران باسيل “العايز والمستغني”، والذي أعلنت مصادره عن عدم تمسّكه بوزارة الطاقة، من دون معرفة إذا ما كان هذا الموقف صحيحاً أم مناورة. فلماذا هذا الموقف الإيجابي في كلّ التعديلات التي أجراها ميقاتي على حكومته الحالية إرضاء لجميع الكتل النيابية، باستثناء موقفه من “التيّار الوطني الحر”؟! فهل مواقف باسيل “إستفزازية” لهذه الدرجة، أم ثمّة ضغوطات خارجية على ميقاتي لنزع وزارة الطاقة من يدّ “التيّار” لتسهيل عملية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟!

تستغرب أوساط ديبلوماسية مطّلعة كيف أنّ السيناريو يتكرّر حتى مع تغيّر الرئيس المكلّف، حتى وإن كان ميقاتي لم يقف خلال تشكيل حكومته الأولى في عهد الرئيس عون في وجه مطالب رئيس الجمهورية وباسيل، بل أخذها بالإعتبار وحقّقها لهما من ضمن تلبية رغبات الكتل النيابية الأخرى. ولكنّه اليوم، بدّل موقفه، ما ذكّر بالمواقف الأخيرة لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الذي كان حائراً بين إرضاء دول الخارج، والأطراف السياسية في الداخل، الأمر الذي أفشل مهمّته. فعندما جرى تكليف الحريري بتشكيل حكومة جديدة قبل تعليق عمله السياسي، حاول في تشكيلته التي عرضها على الرئيس عون إرضاء جميع الكتل النيابية التي أبدت رغبتها في المشاركة فيها، باستثناء الفريق الرئاسي المؤلّف من الرئيس عون والنائب جبران باسيل، من دون معرفة الأسباب الفعلية.. وبقي يضع العصي في دواليب مطالب هذا الفريق الى أن علّق عمله السياسي.

وتقول الاوساط: “ليس من مبرّر منطقي أن يقوم ميقاتي اليوم بتقديم تشكيلة تطال بالدرجة الأولى وزيري المال يوسف خليل (مع الإبقاء على الحقيبة للشيعة)، والطاقة وليد فيّاض (مع إسنادها الى شخصية سنيّة هو وليد سنّو) من دون أي سبب يُذكر، ومن دون أي نهج متبع للتعديلات التي أجراها، والتي كان الهدف منها استهداف باسيل من خلال نزع “وزارة “الطاقة” من يده… فيما تبديل إسم الوزير خليل باسم النائب ياسين جابر من “حركة أمل” أيضاً أتى للتمويه بأنّ التعديل يطال مختلف الكتل النيابية. في الوقت الذي يرى كثيرون بأن جابر جدير بأن يتولّى وزارة المال، وهو موضع ثقة داخلياً وخارجياً”.

لهذا ترى الأوساط نفسها، بأنّ هذا التعديل لا بدّ وأنّه مطلب خارجي أوروبي، وفرنسي تحديداً، ويدخل ضمنه موقف صندوق النقد الدولي الذي يريد استكمال المفاوضات مع الحكومة الجديدة لتوقيع العقد، غير أنّه يُفضّل عدم وجود خليل وفيّاض في منصبيهما. وهذا الأمر خطير إذا كان صحيحاً، لأنّه يعني بأنّ الخارج يتدخّل في تسمية الوزراء، وفي اختيار مع من يريد أن يتعامل خلال الأشهر المقبلة. علماً بأنّ الوزير فيّاض عمل جاهداً مع الأردن ومصر على استجرار الغاز والطاقة منهما عبر سوريا الى لبنان، بعد أن سارعت الولايات المتحدة الى الموافقة على هذا المشروع الذي كان مطروحاً منذ أكثر من سنتين، وبدت كأنّها هي من يطرحه لمساعدة لبنان على إيجاد حلّ لمشكلة الكهرباء التي يعاني منها، والتي هي بند أساسي على خارطة الإصلاحات المطلوبة التي على لبنان إنجازها، كما لإغلاق الطريق أمام حزب الله الذي لجأ الى استقدام البواخر الإيرانية المحمّلة بالمحروقات الى لبنان، وذلك خشية أن تُحلّ مشكلة المحروقات والكهرباء على يدّ إيران، ولا يكون لأميركا أي دور في هذا الأمر.

وتجد الاوساط بأنّ التعديلات الأخرى التي أقترحها ميقاتي على وزارات الصناعة والإقتصاد والمهجرين هي تعديلات شكلية، شكر فيها “حزب الطاشناق” الذي تميّز عن “تكتّل لبنان القوي” الذي هو من ضمنه، خلال الإستشارات النيابية غير المُلزمة وسمّى ميقاتي، من خلال نقل الوزير جورج بوشيكيان من وزارة الصناعة وإسناد حقيبة الإقتصاد والتجارة له، وطرح إسم وليد عسّاف المحسوب على رئيس الحزب “التقدّمي الإشتراكي” وليد جنبلاط الذي لم يسمّ نوّابه ميقاتي، غير أنّهم أعلنوا عن تسهيل عملية التأليف ومدّ يدّ المساعدة له… فيما افترح توزير النائب سجيع عطية في وزارة المهجّرين، بدلاً من الوزير عصام شرف الدين المحسوب على رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” طلال إرسلان الذي لم يفز في الإنتخابات النيابية الأخيرة، والذي لا يحقّ أن يكون له وزيراً فيها.. كما أبقى وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية بيد الوزيرة نجلا رياشي المحسوبة على “التيّار الوطني الحرّ”، وبقية الوزارات التابعة للكتلّ الأخرى على حالها.

غير أنّ هذه التعديلات الأخيرة جاءت لحفظ ماء الوجه، على ما أكّدت الأوساط عينها، فيما المقصود منها وزير “التيّار الوطني الحرّ” وليد فيّاض، كون الكهرباء التي وعد بها باسيل 24 على 24 عندما كان وزيراً للطاقة، أصبحت حُلماً بالنسبة للبنانيين مع فشل كلّ الحكومات الأخيرة المتعاقبة على حلّ هذه المعضلة. علماً بأنّ الكهرباء تتوافر في أكثر الدول تخلّفاً وفقراً بشكل مجاني، إلّا في لبنان حيث أصبحت العنوان الأول للإصلاحات المطلوبة، لكي تتمكّن الحكومة الجديدة من إنهاء المفاوضات وتوقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وبرأي الاوساط، أنّه رغم وضوح النيّة من تقديم تشكيلة من هذا النوع، أبقت جميع القديم على قدمه، رغم نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة التي كان الهدف الأساس منها: إحداث التغيير، إلّا أن مصادر قصر بعبدا لم ترد بعد بأي سلبية أو بإيجابية على هذه التشكيلة، بل لا تزال تدرسها لتبني على الشيء مقتضاه. وتجد الاوساط بأنّ كتابتها من قبل ميقاتي بخطّ يده، توحي بأنّه قد يُوافق على ملاحظات الرئيس عون، ويقوم بتعديلها قبل أن تتمّ طباعتها بشكل نهائي في حال توافق الرجلان على المقترحات.. وإلّا فإنّ حكومة تصريف الأعمال سوف تبقى حتى موعد الإستحقاق الرئاسي، ولكنّها قد لا تتمكّن من إنجاز العقد مع الصندوق، ولا من استكمال ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع العدو الإسرائيلي كون صلاحيات محدودة بالأمور الضرورية والملحّة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Advertisements