بأقلامهم

عهد الجرصة! / بقلم المحامي لوسيان عون

بقلم المحامي لوسيان عون

ما كان ينقص لبنان ليكتمل النقل بالزعرور إلا تلك الإستنابات الدولية والشكاوى المرسلة إلى القضاء اللبناني للايعاز للمراجع القضائية المختصة والأجهزة الأمنية لإجراد تحقيقات مستفيضة بعمليات تهريب وغسل اموال بمئات الملايين من الدولارات إلى خارج الأراضي اللبنانية وتحديداً بحق رأس السلطة المالية الحاكمة بامرها بالاستناد لقانون النقد والتسليف وحاكمية مصرف لبنان ،وهي السلطة المؤتمنة على مالية الدولة اللبنانية وخزانتها والأموال العامة واحتياطي الذهب والتي تبقي مخولة القيام بهندسة المالية العامة مع كل ما تتمتع به من صلاحيات واسعة اشبه بصلاحيات الأباطرة على هذا المستوى.
سنوات عجاف من الهدر والإختلاسات بمعزل عما اذا كان الرجل ومعاونوه متورطين بهذه الجرائم ام لا ( وان القضاء النزيه وحده الكفيل بإماطة اللثام عن تلك الجرائم ام إبراء ذمة هؤلاء) لكن مبحثنا اليوم هو صمت السلطات القضائية واجهزتها طوال هذه السنوات حيال ما حدث في لبنان رغم ان من المفترض ان يكون اي سنت تم تهريبه الى الخارج ام تحويله قد مر عبر غرفة المقاصة التابعة للبنك المركزي واخذ موافقة المعنيين في مصرف مركزي يضم ١٧٠٠ موظف يتقاضون اعلى الرواتب في الجمهورية اللبنانية
لقد تم تهريب مئات ملايين الدولارات من خزينة الدولة الى خارج لبنان باسماء معروفة، وان من يمتلك ثروات كبيرة معروف بالاسم. فكيف تحصر مالية الدولة استيفاء ضريبة ال ٥ في المذة على الودائع وتضعها قيد التحصيل مباشرة من المصارف فيما تجهل كيفية انقاص الودائع وتهريبها واضمحلالها؟
بل كيف تكون رقابة البنك المركزي شديدة لدرجة يستحيل معها اعطاد اي موافقة علي اجراء مالي لمبلغ لا يتعدي اصابع اليد فيما بقي مجهولاً منذ تاريخ اندلاع ثورة ١٧ تشرين الاول عام ٢٠١٩ من هرب امواله ومن تواطا ومن سرق ونهب ،ان لم يكن هؤلاد اعضاد المافيا من عداد الطبقة الحاكمة بالتواطؤ مع حاكم مصرف لبنان ومجالس ادارة المصارف؟
إنها الجرصة بعينها عندما تتبخر ودائع منذ ثلاث سنوات قيمتها ١٩٠ مليار دولار ولم يعرف حتى اليوم مصيرها
انها الجرصة بعينها عندما يجهل مصرف لبنان الذي يضم ١٧٠٠ موظف مصير هذه الوداذع وكيفية اختفائها
انها الجرصة عينها عندما يختفي مليونين وسبعمائة الف حساب بشخطة قلم وغفلة عين
انها الجرصة عينها عندما لا يضع المدعي العام المالي والقضاء بوجه عام يده على اكبر عملية اختلاس وقعت منذ فجر التاريخ فاطاحت بعشرات المليارات من اموال الناس العامة كما الاموال العامة التي هي ملك للشعب ولم يجر تحقيق جزائي وجنائي بالموضَع فيما لبنان ينتظر شركات خاصة للمبادرة بالقيام بهذا الاجراء بينما يحق للنيابة العام الماليك تكليف لجنة خبراء او شركة متخصصة لاجراء هذا التحقيق الذي من شانه إماطة اللثام عن جريمة العصر
بل انها جرصة العهد الذي اطلق عليه انصاره صفة ” القوي” وهو لم يجرؤ حتى الساعة ولا يجرؤ ولن يجرؤ مخافة ان يقدم الفاعلون المرتكبون على فضح المستور وكشف الجداول والقوائم والحقائق بالأسماء والأرقام لأنهم جميعهم اشتركوا وغطوا وتواطأوا وتخاذلوا وكتموا المعلومات ورغبوا في طمس الجرائم رغبة في تاجيل الانفجار الاقتصادي والمالي تحقيقاً لاكبر قدر من زمن تألق الكراسي والتربع عليها وتحقيق اكبر قدر من الصفقات والارباح على حساب الخزينة والشعب.
لبنان بات دولة الفساد بعدما التصق الاخير بإسمه فبات في طليعة جداول البلدان الفاسدة، بعدما كان يتباهى بانه قطعة سما عاصمته بيريت ام الشرائع ومصدر الحرف فتحول الى مصدر الفساد وصانع الجرصة بامتياز في طليعة البلدان المصدرة للكبتاغون…
إنهم السياسيون الفاسدون الذين لم يكتفوا بتحويل المال الحرام المسلوب الى حساباتهم في الخارج بل حولول لبنان الجنة الى غرفة تعذيب في قعر جهنم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى