أبرز الأخبار

سابقة “خطيرة” تضرب القضاء و ” حارة كل مين إيدو إلو”! … ما علاقة ستيفاني صليبا؟

 

“ليبانون ديبايت” – وليد خوري

لم تصل في تاريخ لبنان القديم والحديث الأمور إلى هذا المستوى من التخبّط والفلتان، لا سيّما أن الفلتان هذه المرّة ضرب الجسم القضائي بعدما تحوّل القضاء إلى “حارة كلّ مين إيدو إلو”.

ففي سابقة لم تشهد لها الأروقة القضائية مثيلاً، ولم تبلغ المخالفات هذا الحدّ من التفلّت الذي لم يعد ستره ممكناً، ولم تعد تغطيته تجوز، أوقف الأمن العام في المطار الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا، بموجب مذكرة بحث وتحرٍّ صادرة عن مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، فجر يوم أمس الخميس، بجرم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، ليجري التدخّل من أعلى الهرم، وتحديداً من رئاسة الحكومة، ويتمّ الإفراج عنها بعد حوالي ساعتين على توقيفها.
والإفراج هذا، جاء بناءً على إشارة من المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، بتخريجة قانونية قائمة على أن “التهمة بالإثراء غير المشروع”، لها طابع مالي وهو من اختصاص النيابة العامة المالية.
هذه الواقعة أو السابقة، إن صحّ القول، تطرح مجموعةً من الأسئلة التي لا بدّ من التوقف عندها:
ـ كيف يُفرج القاضي ابراهيم عن صليبا بدون الإطلاع على الملف بالأدلة والوقائع، أو هل يعلم بما يتضمّنه الملف ليصدر الإشارة بالإفراج عنها؟
ـ القاضي ابراهيم ليس رئيس القاضية غادة عون ليسحب الملف منها ويبتّ فيه أو ليتّخذ قراراً عنها، بغضّ النظر ما إذا كان من اختصاصها أو لا، وحتى لو افترضنا أنه كان رئيسها، كان عليه أن يطلب إيداعه الملف للنظر به والبتّ بالقرار المناسب. ألا تتبع القضايا المسلك القانوني؟
ـ السؤال الأهم، يتمحور عن تأهّب الأجهزة الأمنية والقضائية بعد منتصف الليل للنظر بالقضية وإصدار الإشارة بالإفراج عنها بما يوحي أن القضاء “المعتكف”، يفكّ اعتكافه “كرمى لعيون صليبا”ويسهر الليل من أجل تأمين خروجها؟ وإذا كانت الغاية تطبيق القانون، فلماذا لا يسهر هؤلاء القضاة على درس ملفات وقضايا نائمة في الأدراج منذ سنوات، ومئات الموقوفين ينتظرون القرار بالإفراج عنهم.
ـ والسؤال أيضاً هنا للأمن العام الذي ارتكب مخالفةً موصوفة، وبدل أن يخابر مدعي عام جبل لبنان الذي أصدر مذكرة البحث والتحرّي حصراً، تحايل على القانون وخابر القاضي ابراهيم، ممّا يؤكد ارتكاب مدراء الأمن العام جرماً جزائياً يحاسبون عليه وفق القانون.
وبغضّ النظر عن هوية الموقوف، وحول ما اتخذته عون من قرار قانوني أو لا، وهل يحمل ادعاءات باطلة أو لا، فإن القضاء في لبنان لم يعد بخير بعدما تحوّل الصراع من صراع بينه وبين من يخالف القانون، إلى صراع داخل الجسم القضائي نفسه والهرولة وراء من يخالف أولاً، هذا القضاء الذي كان يعوّل عليه أن ينقذ البلد من براثن الفساد، بات الفساد يفتك به، ممّا يذكرنا بقول كبيرين من العالم، الرئيس الفرنسي شارل ديغول عندما سأل عن أحوال بلده بعد الحرب، فقالوا له إنها سيئة، وسأل عن القضاء فقالوا له إنه بخير، ليعلن قوله الشهير: “إذا كان القضاء بخير… فهو الدعامة الأساسية للنهوض بالدولة”.
ليعود رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل ويكرّر ذلك بالقول: “طالما أن القضاء والعدالة في البلد بخير، فكل البلد بخير”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى