بأقلامهم

زمن الأصهرة والأعمام

راصد

الكاستيل مقهى هادىء في الكسليك ايام الزمن الجميل
كانت طاولتنا الأكثر شغبا فيه ، حوارات سياسية وحزبية لا تنقطع ،كان الحضور يومي والنصاب شبه مكتمل .. رفيق خوري ،جورج غانم ، جوزيف الصيفي النقيب لاحقا ،شارل خوري وسيمون الخازن الراحلين .. وكان بعض الضيوف يحضرون كضيوف شرف البير منصور منح الصلح وآخرين ،الشيخ نامي الخازن الحاضر الدائم مع قفشاته اللاسعة، لا دواء لها لما تحمله من معنى عميق يصيب من خلالها الأهداف ،وفي كل صباح كان يمر موكبا مدججا بالاسلحة ورؤوس تخرج مع فواهات البنادق الاوتوماتيكة من السيارات الرباعية الدفع اشبه بالقردة ،زعيق ومكبر للصوت يأمر دفشا الناس بضرورة الإبتعاد لان “المهرجا” سيمر بسيارته المرسيدس من الطراز الحديث الحديث ، وما ان يغيب الموكب والغبار الذي خلفه ويغيب حضرة الوزير حتى نعود إلى حواراتنا على الطاولة
المشتعلة والأكثر سخونة .. لكن الشيخ نامي يغير لنا الموضوع بعدما انفلق من هذا الموكب اليومي . طبعا بعد أن اكب له الزيت على نار الشيخ المشتعلة قائلا: بسيطة وزير خارجية لبنان تليق به هكذا مواكب .. هنا تغير الموضوع بلهجة سامة ويشرح فيها الشيخ مسيرة الوزير فارس بويز قائلا ؛ فارس لو رضيت به ابنة حنا فهد (صاحب سوبر ماركت جونيه )لكان اليوم على الصندوق يدق الفواتير للزبائن .. لكنها رفضته لتقبل به زلفا ابنةالياس الهراوي الذي اصبح رئيسا للجمهورية .. ولأن للصدف محاسن اصبح العم رئيسا وفارس راكب صح فامتطى الخارجية وتزعم العهد وكاد ان يرث عمه على كرسي رئاسي متحرك ،غاب فارس وأفل نجمه وهو أعاد زلفا إلى بيتها الأول بعدما انتهت مدة خدمتها .

الفصل الأول من سلسلة مصأئر الاصهرة بعد انتهاء ولاية العم ..
راكب آخر في المكان الصح ،الوزير الياس المر الذي انطلق من بيت ابيه بعدما أدرك ان الوالد لا يتزحزح عن الزعامة التي سيطرت على مقرات المتن من بلديات ومخاتير وبات النائب الأول في المتن يختار من يشاء ويعزل من يعترض ، فتش الياس عن مستقبله السياسي بعيدا عن طموحات الوالد الذي لا يرتوي ،وجد في بيت لحود ضالته،العم قائد للبحرية واسمه يتردد في مكاتب الضباط السوريين في عنجر والبوريفاج كقائد للجيش، وهكذا احب الياس كارين ابنة العماد ليدخل صهرا متوجا إلى دارة اميل لحود الذي وصل إلى السدة الرئاسية متأبطا ذراع الصهر الذي لم يفارقه ، حكم لحود ٩ سنوات والياس ينتعش في حيثية تتنقل بين الداخلية والدفاع ويختار اذا وافاه الملل نيابة رئاسة الحكومة ليترأس أعلى سلطة يطأها الارثودكسي..
الفصل الثاني انتهى كما الغصل الاول ،تسلم وتسليم ،الهراوي الرئيس المنتهية مدته و اميل لحود المنتخب ،ومثله فعل فارس بويز الذي سلم مقدراته ومراكز القوى لزميله الياس المر ،الصهر يسلم الصهر ولم ينسى الاثنان من تسليم او إعادة زوجاتهما إلى العم الذي كان رئيسا أثناء الخطوبة والزفاف .. الفصل الثاني من زمن الاصهرة انتهى ليبدا الفصل الأكثر غرابة مع صهر شرب من عمه كل شيء تقريبا ولا يزال يشرب وينتظر حتى يتمكن ..
جبران غادر ازقة البترون بعدما شعر في ٧ آب ان العونيين مطاردون،لم يلتحق مع الرفاق الذين نزلوا إلى العدلية بل قرر الوصول إلى رأس النبع في باريس بدل التلهي بالاحتجاجات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. قرر ان يبتعد عن الشر ليشد الرحال ويسافر إلى باريس ليكون قريبا من القائد ،وجبران الذي لا ينام التحق سريعا بالبيت العوني الذي أنشأ خصيصا للرفاق المنتشرين في اوروبا ،هناك تعرف على شانتال اقصر الدروب ليصل إلى قلب وعقل العم ،وفي اول لقاء جمعه مع العماد عون شرح له بحماسة لافتة رؤيته الحزبية مضيفا : مون جنرال انا على علاقة حب مع شانتال فأرجو ان توافق وتبارك ،ابتسم الجنرال وقال : في شؤون التيار كانت اجوبتي صريحة وسريعة لكن بخصوص ابنتي فهذا امر يعنيها .. لها الكلمة الأولى والاخيرة .. وهكذا انطلق جبران الى شانتال يزف لها الخبر ولينطلق من بعدها إلى تحقيق أحلامه
عاد الجميع من باريس وعاد الجنرال متأبطا ذراع الصهر ومعه كل عناصر القوة ، سوريا ترحب وحزب الله يسهل واميل لحود ينتظره بفارغ الصبر.. عيون جبران تحدق بالمحاصيل،العم رئيسا مشرقيا فيما الغرب يتقهقر ،إيران على الأبواب وحميميم تتوسع وتهيمن في المياه الدافئة والجنرال يحوش وجبران يقرش ..اصبح الحاكم بأمره في التيار الذي اسسه الجنرال مع القدامى!! جبران اخرج الجميع تقريبا ومن بقي يستمر خفيض الصوت لا يجرؤ ، هو الحاكم بصلاحيات رئاسية يغيب معها الرئيس ويعود اذا دق الخطر على الوريث .. ويبقى هاجس وحيد هو في انتهاء ولاية العم :ما هو مصير. شانتال ؟بالانتظار ينتهي الفصل الثالث من زمن الاصهرة في عهد العم الرئيس

( الموقع لا يتبنى بالضرورة رأي الكاتب الذي يتحمل بمفرده مضمون المقال المنشور بكل جوانبه)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى