أبرز الأخبار

دولة وقضاء … بتصرف أميركا وتحت إمرتها!

 

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

لم يتصور عقل ولا منطق ذات يوم أن الولايات المتحدة ستحكم لبنان من خلال سفيرتها في لبنان دوروثي شيا،
لم يتخايل أحد من يراقب الوضع عن كثب أن سفيرة اميركا في لبنان، تزور وتجول وتأمر كبار الرؤساء والوزراء والقادة الامنيين والقضاة وتهدد بالويل والثبور ان لم يطلق سراح موقوف لبناني حائز على الجنسية الاميريكية بمهلة ساعات ،تحت طائلة عقوبات ” ما بتفهم” وتهدد كيان لبنان من اقصاه الى اقصاه ، والاكثر غرابة صمت ” الممانعين” المطبق حيال ما يجري، بل الاكثر غرابة ان يذعن النائب العام التمييزي لهذا الطلب ضارباَ بعرض الحائط كل القوانين والأعراف والصلاحيات، متحملاً كافة المسؤولية الناجمة عن افعاله مع علمه بان ملف جريمة المرفأ يقبع في جارور الرذيس البيطار وحده، ولا يمكنه الاطلاع على اي حيثية تبرر اطلاق سراح اي موقوف، وطالما ان اجراءه يخفي مخالفات قانونية جوهرية،
بل الاكثر غرابة من كل ما تقدم ان يرتكب القضاة كل المحرمات ” كرمى سود عيون الدولة الاميريكية” فيطواطؤون واياها على تهريب الموقوف زياد العوف عبر حجب قرار السفر عن جهاز امن المطار، بعدما كشف ان موظفين في السفارة الاميريكية اصطحبوه تحت الحراسة الامنية ورافقوه في عبوره عبر النقاط الامنية في المطار ،ومن ثم الى الطائرة التي اقلته الى واشنطن.
وبين التمثيل السياسي والعراضات والمبارزات والمزايدات في محاربة الامبريالية والصهيونية والرجعية والاستكبار وخلافها من المصطلحات الشعبوية التي تستهلك على منابر ” المقاومين” لزيادة منسوب الشعبوية ورفع عدد الاصوات الانتخابية ، وبين ما ينفذ على ارض الواقع، حكم أميريكي يبطش بالادارة اللبنانية، يفرض قيوده وشروطه ويملي عليه المقررات والاجراءات آخرها فرض العقوبات والقيود على حسابات عدد من المواطنين اللبنانيين قام مصرف لبنان بتطبيقها بحرفيتها ، فتحول لبنان إلى بلد مستعمر شاء الممانعون أم ابوا تدار حساباته ومواقعه وإدارته من الخارج رغم تعنت المهاجمين ومتوعدي الاجهاز والقضاد على الامبريالية ،وهي باتت واقع اخترق الادارة السياسية والقضاء نفسه فلا يُرفض طلب للسفيرة الاميريكية التي باتت تشرف على مجريات الاحداث والقرارات.
نحن نتولى دعم الجيش اللبناني ،ونحن نتولى ارسال المساعدات العينية، وحتى المالية للجيش ، ونحن نملي القرارات التي تناسبنا، ونحن نفرض العقوبات المناسبة على المسؤولين عندكم، ونحن نملي ما يتوجب على حاكم مصرف لبنان فعله ،ونحن نتولى اخراج رعايانا من السحون وسحبهم الى ارضنا، ونحن نلغي الاشارات القضائية على حدودكم، ونحن نحمي ونؤمن مصالحنا لديكم، والويل والثبور لمن يواجهنا او يرفض الامتثال لتمنياتنا واوامرنا ،
انها السياسة الجديدة للولايات المتحدة الاميريكية في ظل صمت ملفت للمانعين، وقد يكون غض الطرف او التواطؤ لدى بعض الجهات ،فهل نجاح الولايات المتحدة في اختراق المنظومة بهذا القدر توطئة لتطبيق سياسة متقدمة اوسع وأشمل بعدما تخطت السرية الى العلن وقد شهد لبنان بيانات صادرة في اليومين الأخيرين عن كل من وزارة الخارجية الاميريكية والسفارة الاميريكية نفسها تجاهر علناَ بما قامت به اميركا علناً ودون خوف او وجل بانها تتدخل بقضايا تهم كلاً من رعاياها ومصالحها في آن ،مترافقاً مع تلويح بالعقوبات، وهي باتت تلقى تجاوباً تاماً، فهل المتجاوبون باتوا يخشون على ما هو بقبضتها من ملفات ومصالح وارتكابات وتحويلات مالية ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Advertisements