أبرز الأخبار

تنورين تنبذ “حصان طروادة” حزب الله… وحدها الصناديق “وقت الضيق”

دخلت الحملة الإنتخابية ربع ساعتها الأخير، وانقلبت البرودة حماسة واندفاعاً نحو التغيير خصوصاً في البلدات التي لعبت دوراً كبيراً في صناعة لبنان الذي يحلم به كل أبنائه.

تُعتبر تنورين أكبر بلدة في قضاء البترون ومن أكبر البلدات المارونية الجرديّة في الشمال ولبنان من حيث المساحة والديموغرافيا، ففي هذه البلدة ينتخب نحو 6 آلاف مقترع أي إنها تشكّل أكثر من 20 في المئة من القوّة الناخبة في قضاء البترون، كذلك لتنورين إمتداد في الجرد والوسط وهناك بلدات محسوبة عليها ولديها أقلام إقتراع منفصلة وهذه البلدات هي: ديربلا وشناطا التحتا وشناطا الفوقا ونحلا ومراح الحاج التي ينحدر منها مرشّح «القوات اللبنانية» غياث يزبك.

ولهذه البلدة تاريخ طويل في النضال الوطني والسياسي، فهي تشكّل قلب الجبّة المارونية التاريخية الممتدّة من المنيطرة والعاقورة وصولاً إلى بشرّي وإهدن، وكانت السند الرئيسي للبطريركية المارونية في أحلك الظروف وليس آخرها مع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، كذلك في الحرب الأخيرة كانت تنورين ضمن المناطق الشرقية المحرّرة التي امتدّت إلى وسط البترون في حين خضع الشمال بأكمله لسيطرة الإحتلال السوري.

ومن يعرف تاريخ تنورين يعلم جيداً أنها كانت في صفوف المقاومة اللبنانية، فهذه البلدة هبّت بجميع عائلاتها في بداية الحرب الأهلية لمنع تحويل لبنان إلى وطن بديل للفلسطينيين، ولا تزال قصص وروايات معركة تحرير شكّا أثناء الهجوم الفلسطيني في تموز 1976 تتردّد بين أبناء البلدة لأن سقوط شكّا كان يعني في ذلك الحين سقوط كل المناطق المسيحية المحرّرة.

اليوم، تتأثّر تنورين بالجو العام في البلاد، فالانتخابات تشكّل محطّة أساسية للتغيير وقد ترشّح 5 من أبنائها، لكنّ الإتجاه الغالب كما يبدو هو نحو اللوائح السيادية والثوريّة لأن إبن تنورين بكل أطيافه يرفض الذميّة، فهو يُفاخر بأنه قاتل عبر التاريخ من أجل حفظ كرامته ووجوده ورفض، كما كل الموارنة، دفع الجزية، لذلك لن يقبل أحد أن «يهتّه» بأنه يحميه ولولاه لكان «داعش» وصل إلى جونيه وربّما إحتل جبال العاقورة وتنورين وبشرّي.

وهناك عوامل عدّة تجعل ابن تنورين يُصوّت للوائح السيادية والثوريّة وليس للوائح المتحالفة مع «حزب الله» وعلى رأسها لائحتا «التيار الوطني الحرّ» وتيار «المردة».

كما في الشمال المسيحي كذلك في تنورين، كانت ردود الفعل قاسية بعد استدعاء الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فهذه البلدة التي تُفاخر بأنها من أكثر البلدات التي تحمل الشهادات، لا يروق لها أن يفرض حزب يستمدّ ماله وسلاحه وعقيدته من إيران نواباً في دائرة الشمال المسيحي أو ترى بعض السياسيين الموارنة «يزحفون» من أجل الوصول لرئاسة جمهورية يسيطر عليها «الحزب»، ويعملون من أجل استرضاء من حاول اقتحام عين الرمانة ويهددهم بعودة الاستدعاءات والدولة البوليسية.

وحسب الجوّ العام، فإن كل ما كان يُحكى عن خلافات عائلية أو شدّ عصب أو تحريض إنتخابي سقط بفعل المعركة الكبرى وهي استرجاع البلد من قبضة مافيا المال والسلاح و»الدويلة».

وفي السياق، فإن الخطّ التاريخي الذي تسلكه غالبية أهالي تنورين هو مع مشروع الدولة وضدّ «دويلة حزب الله»، فهذه البلدة التي قاومت جيش النظام السوري ومنعته من الدخول إليها، لن ترضى باستبدال إحتلال سوري بآخر إيراني، ومن اختار من المرشحين السير في هذا الإتجاه إنما يذهب لوحده من دون أن يُجيّر أبناء البلدة، فالمدخل الأساسي لكسب صوت أي ناخب تنوري هو حمل مشروع مناهض لمشروع «حزب الله» ومحور «الممانعة».

في العنوان الكبير، فإن اللوائح السيادية والثورية تتقدّم في هذه البلدة، وهذا يظهر من الجوّ العام، فأبناء البلدة يرفضون أنّ يتحوّل البلد جزيرة معزولة تتبع محور «الممانعة»، بل إنهم منذ أكثر من مئة عام إنتشروا في العالم ووصلوا إلى أعلى المراكز ومنهم من شغل منصب رؤساء جمهوريات في الخارج، كذلك فإن هذه البلدة التي تؤيد مشروع الدولة تدعم الحياد الناشط الذي يدعو إليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، فهي مع سيّد بكركي وليست مع السيّد حسن.

عانت تنورين كما سائر مناطق لبنان من الأزمة التي ضربت لبنان، وتأثرت إقتصادياً، فهذه البلدة التي تعتمد بشكل رئيسي على موسم التفاح أقفلت الأسواق الخليجية في وجهها لأن هناك فريقاً قرّر عزل لبنان عن العالم العربي وأراد إغراق الخليج بالكبتاغون، فكان ردّ الفعل قاسياً وطال كل مزارع.

يعلم الناخب التنوري جيداً أن المعركة اليوم ليست معركة زفت وخدمات، فكل صوت ينتخب لائحة حلفاء «حزب الله» يذهب لتقوية مشروع «الحزب»، بل إنها معركة وطنية كبرى لاسترجاع الدولة من كماشة «الدويلة»، تلك «الدويلة» التي قتلت ابن تنورين الضابط الطيّار سامر حنّا من دون أن يرف لها جفن وتكمل بتغطيتها مافيا الفساد في قتل اللبناني كل يوم، لذلك فإن ساعة الحقيقة قد اقتربت والخيار بات واضحاً، ولن يكون هناك مكان لأي «حصان طروادة» لتلك «الدويلة» داخلها، ولا مجال للمقارنة بين منطق الذميّة المسيحية ومنطق التحرّر والدولة… وتبقى الكلمة الفصل للصناديق في كل وقت، فكيف بالأحرى في «وقت الضيق»؟

المصدر: نداء الوطن اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى