أخبار محلية

باسيل ورفع العقوبات الأميركية: ما هي قصة الزيارتين السريّتين؟

 

أحمد عياش  – “هنا لبنان”

أصبح لبنان على مشارف استحقاق الحكومة الجديدة بعد أن يعبر استحقاق اللجان النيابية. وكالعادة، تتجه الأنظار إلى قصر بعبدا كي يفرج عن الدعوة إلى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، كي تتم تسمية رئيس الحكومة المكلّف. وبناء على تجارب العهد الحالي، فلن تكون ولادة الحكومة العتيدة بالأمر اليسير، لا بل إن هناك علامات على مرحلة عسيرة جداً سيجتازها الاستحقاق في آخر الشهور المتبقية من عمر ولاية الرئيس ميشال عون.
من بين هذه العلامات ما أوردته أوساط إعلامية عن “اشتباك” بدأ ينشب بعد ثلاثي 8 آذار المتجدد، محوره انقسام بين ثنائي الحزب وحركة أمل من جهة وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. وينطلق هذا الاشتباك من أن الأخير يجاهر بعدم تأييده لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي على رغم تأييد الثنائي لميقاتي، وذلك على خلفية مواقف معلنة من رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي انتقد بشدة في آخر إطلالة تلفزيونية التيار وحمله المسؤولية عن أزمة الكهرباء. وجاء الرد على ميقاتي من رئيس الجمهورية الذي تداولت أوساطه اسم الخبير في صندوق النقد الدولي صالح نصولي، كمرشح ليكون رئيساً مكلّفاً بتشكيل الحكومة الجديدة. غير أن أوساطًا إعلامية قريبة من الثنائي، رأت في مرشح الرئاسة الأولى “كفاءة مالية لكنه يفتقد للخبرة السياسية”، على حد تعبير هذه الأوساط.
وترى هذه الأوساط، أن القضية التي تشغل باسيل حاليًّا، هي كيف يتم تبييض سجله من العقوبات الأميركية بموجب قانون ماغنيتسكي في تشرين الثاني عام 2020 لضلوعه في قضايا “فساد”. وكشفت عن زيارتين سريتين قام بهما باسيل لهذه الغاية في الآونة الأخيرة، ولم تحدد وجهتهما. علماً أنه جرى الحديث قبل الانتخابات النيابية عن زيارة سرية قام بها باسيل وفهم أنها كانت لدولة قطر. ولفتت هذه الأوساط إلى أن هناك نافذة إيجابية يتطلع إليها رئيس “التيار” تتمثل بمراجعة ستتم في آب المقبل لقانون ماغنيتسكي، الذي عوقب باسيل بموجبه، يأمل من خلالها باسيل أن يصل إلى رفع العقوبات الأميركية.
إذاً، قضية الحكومة ليست أولوية عند رئيس “التيار” ومرجعيته السياسية، أي العهد. وفيما بدا، أن الرئيس ميقاتي يتصرف على أساس أن ورقة باسيل، باتت خاسرة في تكوين الحكومة المقبلة التي لن تقوم إلا بعد انتزاع حقيبة الطاقة من “التيار” نهائياً، يرد باسيل بالعودة إلى واشنطن التي هي التي تملك “الحل والربط” في المرحلة المقبلة في لبنان. وفي أوضح إشارة لهذا التوجه عند “التيار”، ما قاله باسيل بنفسه في المهرجان الذي أقامه في 22 أيار الماضي: “اقرأوا ديفيد هيل الذي تكلم بملامة عن الحكاية الخيالية عند الأميركيين بمعاقبة حلفاء حزب الله غير الشيعة لإضعاف بنية الحزب. سأضم كلامهم إلى ملف المراجعة عن العقوبات”.
لا يبدو أن باسيل، يكتفي بالطرق القانونية لكي يراجع العقوبات الأميركية الصادرة بحقه، بل يعمل على خط وساطات، تردد أنها تملك صلات بالإدارة الأميركية، علماً أن الأخيرة وفي أكثر من مناسبة أكدت أن لا سلطة في الولايات المتحدة الأميركية تستطيع تجاوز القوانين المرعية الإجراء هناك.
لكن مع ذلك، ووفق ما تردد على هامش الزيارة التي قام بها باسيل لقطر قبل الانتخابات، فإن الورقة التي يحاول العهد توظيفها كي يعيد الاعتبار إلى وريثه السياسي، هي الترسيم البحري. وقد تصاعد في الأيام الأخيرة الاهتمام بتجدد الوساطة التي قام المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في العام الماضي ولغاية الفصل الأول من السنة الحالية.
يسود الاعتقاد في الأوساط السياسية التي تواكب استحقاق تأليف الحكومة الجديدة، أنه لا يمكن أن تأتي الحكومة المقبلة على شاكلة الحكومات التي عرفها لبنان منذ العام 2005. ومثلما أصبح معروفاً فإن “حزب الله” الذي شكل رافعة أساسية لـ “التيار الوطني الحر” كي يحظى بامتيازات تتخطى حجمه في أية حكومة، لم يعد يملك مثل هذا النفوذ، والبرهان خريطة القوى في البرلمان الجديد الذي لم يستطع فيه مرشح الثنائي الشيعي، والذي لا منافس له في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، أن ينال سوى 65 صوتاً، أي النصف زائد واحد وذلك للمرة الأولى في تاريخ الرئيس نبيه بري منذ العام 1992.
في المقابل، يخوض “التيار الوطني الحر” معركة وجودية لا سابق لها منذ عودة مؤسس التيار من منفاه الباريسي عام 2005. ولعل في سعي باسيل اليوم لرفع العقوبات الأميركية عنه، محاولة لتحسين الشروط في الاستحقاقات المقبلة من بينها الحكومة وتالياً الرئاسة الأولى. لكن شتان بين السعي وبين الواقع الذي ستنجلي فيه الحقائق لاحقاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى