أبرز الأخبار

التيار في نهاية رحلة التجارب الفاشلة

 

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

يقول المثل : ” آخر الدواء الكي” لكن الامر لا ينطبق على الطبيب الفاشل الذي اعطي شتى الفرص للطبابة والاصلاح وإفادة المريض، لكنه في نهاية المطاف أنزله إلى قعر جهنم وامعن في تعذيبه وافقاره وحرمانه من الاستشفاء والدواء والغذاء وترك السارقين يبرعون بامواله تاركاً إياه يصارع الموت حتى استنفدت المهل التي أعطيت له،
وها هو اليوم يطلق شعارات ” لو كنت اعلم” و ” ما خلونا” رغم كونه فلق الجماهير بأنه ” قوي بما فيه الكفاية” وأمسك العهد بالحديد والنار اضافة الى كافة الاجهزة الامنية والاسلحة غير الشرعية وتحالف مع أقوى الجهات السياسية والاحزاب وسيطر على الحكومات في خلال مراحل بلوغ أوج عهده وتباهى بإسقاط حكومة وتعيين أخرى بعدما رمى الميثاقية في سلة المهملات واضطهد القوى المسيحية الأخرى التي لا تشاطره رأيه وموقفه السياسي.
هذا الفريق استنفدت كل اوراقه التي لعبها، وانتهت المهل التي اعطيت له منذ العام ٢٠٠٥ عندما عاد الى الساحة السياسية يومها بصفقة لم تعد خافية على احد الى ان وصل الى رأس السلطة وبقي ٦ سنوات سلم البلد من بعدها هيكلاً عظمياً للشياطين تنخر بالبلاد والعباد فلم يسلم منها بشر أم حجر.
اليوم، وبعد طول عنجهية ومكابرة وتحدٍ وكبرياء وتسلط وهيمنة، ها هو يقف مذهولاً أمام عجز مطبق في مقاربة الملفات السياسية والمعيشية والاقتصادية بعدما خرج من شرنقته حلفاؤه فتحرروا من استبداده ، وانقلبوا عليه وبات وحيداً يصارع البقاء خارج السلطة، فلم يبقَ بيده الا سلاح واحد أوحد هو الشارع يهدد به ويتوعد ،لكن الضربة الاقسى تلقاها البارحة ممن راهن التيار عليه هو الرئيس ميقاتي الذي نسج حلفاً جديداً مع كل من الثنائي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط بعدما اتفق هؤلاء على السير قدماً بآلية عقد جلسات حكومية دورية يتوافقون عليها مسبقاً على جدول أعمال فيها ويؤمنون النصاب لعقدها.
الصراخ والصخب تحت اعذار مختلفة لم يعد يجدِ، وبعدما راهن رئيس التيار على مجد غابر ظن انه يخدم مصلحته الى الابد وهو يكمن في الورقة البيضاء التي تعطل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية حتى الساعة.
إنه ميني إنقلاب نفذه الثنائي ضد التيار بعدما ضاق ذرعاً من ممارسات رئيسه، وبعد أن انتهت صلاحية الهدية التي كارم بها الثنائي التيار لست سنوات وتجلت بايصال عون الى بعبدا ،فكان رد الجميل ” الحرزان” لوقوف الاخير الى جانب الحزب في حرب تموز عام ٢٠٠٦، لكن لكل شيء حدود، بعدما اختل توازن الموجبات المتبادلة بين الفريقين وتخطى التقليدي.
اليوم يعتبر الحزب نفسه قد أدى قسطه للعلى ،وخدم التيار واوصل قائده الى بعبدا، وانتهت الولاية، ومن غير المعقول طلب هدية أثمن من تلك عبر دعم الصهر العزيز لست سنوات أخرى مهما تطلبت مصلحة الثنائي ذلك ،وبعدما اتعب التحالف كلاً من حزب الله والرئيس بري فكانت العلاقة بين الفريقين طوال سنوات ” دبّي واعصري” لكن المشوار انتهى، ولا بد لتأسيس مرحلة جديدة من التحالفات تحاكي مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود التي فرضت توازنات جديدة اقليمياً ودولياً.
العبرة أن التيار والمؤتمنين عليه لم يتلقفوا المتغيرات الاقليمية والمحلية، وهم لا يزالون يعيشون أمجاداً طواها الزمن، وكأنهم يمسكون بالحكومات والوزارات والاجهزة الامنية ويفرضون التعيينات والقضاء وهم قادرون على الاقتصاص من المخالفين والمعارضين فيما ولج لبنان في مرحلة جديدة قوامها توافق دولي على محاكاة واقع جديد وتقسيمات جديدة في المنطقة.
اليوم مختلف عن الأمس، وعلى ما يقول المثل الشائع :” كل طلعة في قبالها نزلة” وطلعة الاول ما هي سوي نزلة الآخر في السياسة والتاريخ، والعبرة لمن لا يقرأ في التاريخ والسياسة، فيخال أن الدنيا ” طلوع” لكن : ” لو دامت لغيرك لما آلت إليك” برسم من يصم أذنيه وبصره ولا يحسن قراءة المتغيرات التي تلامس الانقلابات….. وحتى الخيانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى