أبرز الأخبار

الإفطار السريّ عند السيد: طمأن فرنجية وأقلق باسيل

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

هبط نبأ مأدبة الإفطار التي أقامها الأمين العام لـ “حزب الله” السيد نصرالله يوم الجمعة الماضي، وجمع إليها رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، كحجر ثقيل ألقيَ في مياه حليفَيْ نصرالله اللدودين الراكدة. وفور شيوع النبأ، تسارعت التكهنات حول أبعاد هذا الإفطار السريّ للضرورات الأمنية التي يتبعها زعيم الحزب منذ حرب عام 2006. وأبرز هذه التكهنات: هل جاء إفطار السيّد لشد عصب الحليفين عشية الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل؟ أم لرسم قواعد الاشتباك بينهما قبل 31 تشرين الأول القادم، آخر أيام الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا؟

قبل الخوض في هذه التكهنات، يجب قراءة لغة ضيفَي السيد غداة المأدبة. ففي حين، أطل فرنجية من بنشعي ليعلن بهدوء أنّ اللقاء مع باسيل “جاء في سياقه الطبيعي وبمعزل عن أي تحالف انتخابي”، خرج باسيل في الفوروم دو بيروت بخطاب صاخب تحت عنوان: “ما خلونا، يعني ما خلوكم، وأيضا نحنا ما خليناهم”.

قد يسارع البعض إلى القول، أنّ هدوء فرنجية وصخب باسيل، سببهما مناسبتان غير متشابهتيْن. ولو سلّمنا جدلًا بهذا التوضيح، فما معنى إذن، تجاهل مقدمة النشرة الإخبارية للقناة التلفزيونية التابعة لـ “التيار”، OTV، كليًّا نبأ المأدبة مساء اليوم التالي والذي وزّعه “حزب الله”، في حين تصدّر واجهة الأحداث في سائر وسائل الإعلام؟ فهل هناك من سبب يجعل الناطق الإعلامي لـ “التيار” يسلك طريق التجاهل لهذا الحدث؟

مرة أخرى لا بد من العودة إلى مأدبة إفطار السيد، من باب المعلومات المتوافرة حولها، كي يتبيّن مسار العلاقات بين فرنجية وباسيل والذي يبذل نصرالله شخصيًّا كل جهد ممكن لضبطها.

تحت عنوان “بمبادرة من السيد نصر الله.. هكذا كانت أجواء اللقاء بين باسيل وفرنجية على مائدة الإفطار” نسب موقع “العهد الإخباري” الإلكتروني التابع لـ “حزب الله” إلى “مصادر مطلعة على أجواء الإفطار” قولها أنّ “اللقاء استمرّ لعدّة ساعات وكان وديًّا وصريحًا”. ولفتت المصادر إلى أنّ “اللقاء كان بمبادرة من السيد نصرالله لجمع الطرفين”، مشيرة إلى أنّه من المفترض أن تُفتح قناة تواصل بين باسيل وفرنجية اللذين لبّيا الدعوة دون أيّ تردّد”. وفيما أشارت المصادر إلى أنّه نوقشت خلال اللقاء العديد من البنود والمواضيع بـ “جديّة وصراحة”، رجّحت أن يفتح اللقاء “صفحة جديدة للمستقبل بين بنشعي والبياضة”.

بدورها تحدثت أوساط إعلامية قريبة من الحزب أنّ التحضيرات لمأدبة نصرالله استغرقت وقتًا، بذل فيه كل من المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل من خلال علاقته بفرنجية، ومسؤول الارتباط الحاج وفيق صفا بحكم تواصله مع باسيل الجهود اللازمة كي ينعقد اللقاء الرمضاني في أجواء مؤاتية.

ولعل بيت القصيد في معلومات الأوساط الإعلامية المشار إليها، أنّ البحث في المأدبة ذهب إلى الاستحقاق الرئاسي الذي سيلي الاستحقاق الانتخابي. وعلى الرغم من الكلام عن الانتخابات الرئاسية لم يخض في التفاصيل، إلّا أنّ أهمّ ما ركّز عليه نصرالله هو أن يبقى بيت التحالف بين نصرالله وضيفيه مستقرًّا حتّى ذلك الموعد، كي لا تتسلّل منه رياح الانقسام الذي سيكون لمصلحة خصوم هذا التحالف. كما كان هناك تلميحٌ وافٍ من نصرالله إلى أنّ المرشّحيْن الأوفر حظًّا لمنصب الرئاسة الأولى هما فرنجية وباسيل ولا أحد سواهما، وستكون لـ “حزب الله” الكفاءة اللازمة كي يتم العبور بسلام إلى هذا الاستحقاق إذا ما تكلّلت مساعي الحزب في الانتخابات النيابية بالنجاح للحصول على القدر الكافي من المقاعد، ما يمكّنه من فرض ثقله في معركة رئاسة الجمهورية المقبلة.

ما لم يتطرّق إليه نصرالله، هو أنّ زعيم تيار “المردة” لا يعاني أيّ قلق في الانتخابات النيابية المقبلة، لكونه غير مرشّح، على عكس حال رئيس “التيار” الذي سيواجه استحقاق الانتخابات النيابية شخصيًّا للفوز بمقعد في دائرة البترون التي تشهد منافسةً حادّةً ليس مضمونًا من الآن أن يعبرها باسيل بهدوء. وما يزيد الأمور تعقيدًا، أنّ الدّعم الّذي ناله باسيل في انتخابات عام 2018 كي يصل إلى البرلمان، وفّره التحالف مع زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري. لكن ذلك الدعم لم يعد موجودًا حاليًّا مع مغادرة الحريري المسرح السياسي في كانون الثاني الماضي. من هنا، يبذل “حزب الله” أقصى ما يستطيع كي يوفّر لباسيل ما يعوّضه دعم الحريري.

هناك الكثير لِيُروى لاحقًا. لكن الآن يمكن القول، أنّ هناك “قلقًا” يميّز سلوك باسيل الذي ظهر في غاية التوتر في إطلالته الأخيرة، مقابل “اطمئنان” فرنجية إلى وضعه، أقله في الفترة التي تفصلنا عن 15 أيار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى