أخبار محلية

استدعاءات قضائية محصورة بمناوئي “الحزب”… والقضاء محرج

 

كتبت الين الحاج في “جسور”:

“العدل أساس الملك” وبه يستقيم الحكم، فإن تحقق العدل، حلّت المساواة وحُفظت كرامة الناس، بينما يؤدي الظلم حتماً إلى الهلاك. لهذا السبب، يُعتبر القضاء أحد أذرع الحكم الأساسية، وحين “يحكم باسم الشعب” كما يفعل القضاء اللبناني، يُصبح اللجوء إليه ضمانة ليأخذ كل ذي حق حقه.

إلا أن ما يحدث في لبنان أخيراً يطرح علامات استفهام كبيرة حول عمل القضاء مع الاستنسابية المستمرة في الاستدعاءات لفئة من الناس من دون أخرى. وتتعدد الأمثلة حول التفاوت في المعايير لدى القضاء اللبناني، وآخرها، ظهور أحد المواطنين من بيئة حزب الله وهو يجاهر أمام الكاميرا بامتلاكه عدداً من الصواريخ، ضارباً سيادة الدولة عرض الحائط، ومع ذلك مرّت رسالته مرور الكرام.

ولم ينس اللبنانيون تدخل رئيس وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا في عمل القضاء عندما اقتحم قصر العدل وهدد المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار بـ”قبعه”.
في المقابل، تتراكم الاستدعاءات لجهة معينة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، استدعي أمس الاثنين شقيق ضحية تفجير المرفأ وليام نون الذي يطالب بتحقيق عدالة طال انتظارها، شأنه شأن عدد من اهالي الضحايا.

وفي اليوم ذاته تم استدعاء رئيس حزب الاتحاد السرياني إبراهيم مراد للمثول أمام القضاء بناءً على كلام له في فيديو انتشر على منصة تيك توك ثم تناقلته كافة وسائل التواصل الاجتماعي. حيث اعتبر القضاء أنه يهدد السلم الأهلي والعيش المشترك لتظهر الحقيقة لاحقاً خلال التحقيق عندما قدم مراد الفيديو الحقيقي مبرهناً أن ما يتم تداوله ليس سوى حديث مجتزأ له.
وازداد ملف مراد غموضاً عندما أخلي سبيله بعد انتهاء التحقيق معه، مع استدعاء القضاء اللبناني له مجدداً ليمثل أمامه اليوم الثلاثاء كما أفادت مصادر مطلعة لـ”جسور” مضيفة أن مراد لم يمثل لأسباب صحية بل توجه محاموه إلى قصر العدل.

صفا والدولة البوليسية
في “أم الشرائع” دخلت السياسة إلى عمل القضاء، وفق ما أشار إليه الأمين العام لجمعية “طور لفنون” أمين اسكندر في اتصال مع “جسور” مؤكداً أن لبنان تحوّل إلى دولة بوليسية يسيطر عليها حزب الله.
وفي هذا السياق، ترددت معلومات صحافية عن تدخل وفيق صفا شخصياً في ملف رئيس الاتحاد السرياني ابراهيم مراد لذلك تم استدعاؤه مجدداً رغم إخلاء سبيله بعد عرضه الفيديو الأساسي غير المجتزأ”.
واعتبر اسكندر أن حزب الله شعر بالخوف من تصريحات مراد لأن الأخير “رفع الصوت عالياً ودعا الشعب إلى تعليق مشانق المسؤولين عن تفجير مرفأ بيروت الفاسدين مطالباً بثورة حقيقية تخرج عن الحدود التي رسمها حزب الله وإطارها المؤسسات والقضاء لأنها تحت سيطرته لذلك كان لا بد من إسكاته قبل أن يشجع آخرين على التمثل به”.

سياسة معتمدة
ولفت إلى أن حزب الله يتبع هذا الاسلوب منذ خمسة عشر عاماً، حيث يقوم على مراحل ثلاث “أولاً بفبركة معلومات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتأليب الرأي العام ضد من يعارضه وحثه على عدم التضامن معه”.
ثم يتجه “ثانياً لنقل الكذبة إلى الاعلام التقليدي قبل إيصال الملف ثالثاً إلى التحقيق والقضاء”.

الاجتزاء لإثارة النعرات
الشق القانوني شرحه في حديث لـ”جسور” المحامي جورج بيطار أحد أعضاء فريق مراد القانوني “تم استدعاء رئيس حزب الاتحاد السرياني العالمي ابراهيم مراد إلى المباحث الجنائية المركزية للتحقيق معه على خلفية الفيديوهات المقتطعة والمركبة من المقابلة التي أجراها مع أحد المواقع المحلية”.
واعتبر بيطار أن الفيديوهات كما هي مرفوضة كونها تقول “لا إله” ولو تم الاستماع إلى المقابلة كاملة لكانت اكتملت مع “إلا الله” واكتشف الجميع الحقيقة مضيفاً “كان الهدف من اقتطاع جزء من حديث الأستاذ مراد تشويه سمعته وإثارة النعرات الطائفية”.
مراد التزم بالحضور أمس عند الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر برفقة فريق من المحامين، كما أشار بيطار، وقدم كل الايضاحات اللازمة في التحقيق الذي انتهى قرابة الساعة الثامنة مساءً وصدرت إشارة النيابة العامة التمييزية بإخلاء سبيله وإعطائه مهلة أربع وعشرين ساعة لإصدار إيضاح في ما خص الموضوع الذي تطرق إليه للفريق الذي شكك به من الناحية الوطنية أي الطائفة الشيعية.

سابقة قضائية
لكن مفاجأتين كانتا بانتظار مراد كما تابع المحامي بيطار قائلاً “فوجئنا اليوم صباحاً باستدعائه إلى المرجعية ذاتها أي المباحث الجنائية المركزية والسبب إعادة التحقيق وهو سابقة فالتحقيق انتهى أمس” وأوضح أن مراد لم يحضر بسبب مشكلة صحية يعاني منها “حصل على تقرير طبي وتقدمنا به للمباحث وأُرجئ التحقيق”.
المفاجأة الثانية أكثر خطورة من الناحية القانونية، وفقاً لبيطار “ادعاء أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان وإحالة الدعوى من النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان إلى أمن الدولة للتحقيق مع مراد”.

وشرح قائلاً “نحن كقانونيين نعرف أن النيابة العامة التمييزية هرم يرأسه النائب العام التمييزي وفي حال يوجد ادعاء سابق أمام الأخير وتحرّك بموجبه، من غير الجائز أن يقوم بالتالي نائب عام برتبة أقل بالإدعاء مجدداً ما يؤدي إلى عدم احترام التراتبية في النيابة العامة التمييزية”.
وفي ظل التطور الأخير تابع بيطار “يوجد إذاً مشكلة قانونية وسنقوم بمراجعة المراجع المعنية بها ومنها النائب العام التمييزي الاستاذ غسان عويدات وأيضاً النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان الرئيس غادة عون إذ ربما لا علم لديها بوجود شكوى في هذا الموضوع لدى النيابة العام التمييزية” معتبراً أن ما حدث “قد تكون دوافعه سياسية من قبل جهة حركت الملف من أكثر من اتجاه”.
وأكد بيطار أن مراد “ملتزم بالقوانين ويخضع للقضاء اللبناني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى